أربعة فرضُوا رجلًا منهم وأبى اثنان، فاضرب رؤوسهما، فإن رضيَ ثلاثةٌ رجلًا منهم وثلاثة رجلًا منهم، فحكّموا عبدَ الله بن عمر؛ فأيّ الفريقين حكم له فليختاروا رجلًا منهم؛ فإن لم يرضوْا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس.
فخرجوا، فقال عليّ لقوم كانوا معه من بني هاشم: إن أطيع فيكم قومُكم لم تؤمّروا أبدًا. وتلقّاه العباس، فقال: عُدِلَتْ عَنّا! فقال: وما علمك؟ قال: قرِن بي عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضيَ رجلان رجلًا، ورجلان رجلًا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف؛ فسعد لا يخالف ابنَ عمّه عبد الرحمن؛ وعبد الرحمن صهر عثمان؛ لا يختلفون، فيولّيها عبدُ الرحمن عثمانَ، أو يوليها عثمانُ عبد الرحمن؛ فلو كان الآخَران معي لم ينفعاني؛ بلْه إني لا أرجو إلّا أحدهما. فقال له العباس: لم أرفعْك في شيء إلّا رجعت إليّ مستأخرًا بما أكره؛ أشرتُ عليك عند وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسألَه فيمن هذا الأمر؛ فأبيتَ، وأشرتُ عليك بعد وفاته أن تعاجلَ الأمر فأبيت، وأشرتُ عليك حين سمّاك عمر في الشورى ألّا تدخل معهم فأبيتَ؛ احفظ عنِّي واحدة؛ كلّما عرض عليك القوم، فقل: لا، إلّا أن يولُّوك؛ واحذر هؤلاء الرّهط، فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا، وأيمُ الله لا يناله إلا بشرّ لا ينفع معه خير! فقال عليّ: أما لئن بقي عثمان لأذكِّرنه ما أتى ولئن مات ليتداولنّها بينهم، ولئن فعلوا ليجدنّي حيث يكرهون؛ ثم تمثل:
والتفت فرأى أبا طلحة فكره مكانه، فقال أبو طلحة: لم تُرَعْ أبا الحسن! فلمّا مات عمر وأخرجت جنازته، تصدّى عليّ وعثمان: أيّهما يصلي عليه، فقال عبد الرحمن: كلاكما يحبُّ الإمْرة، لستما من هذا في شيء، هذا إلى صهيب، استخلفه عمر، يصلّي بالناس ثلاثًا حتى يجتمع الناس على إمام. فصلّى عليه صُهيب، فلما دفن عمر جمع المقداد أهل الشُّورى في بيت المِسْوَر بن مخرَمة - ويقال: في بيت المال، ويقال في حجرة عائشة بإذنها - وهم خمسة، معهم ابنُ عمر، وطلحة غائب؛ وأمروا أبا طلحة أن يحجُبَهم، وجاء عمرو بن العاص،