ثم تكلّم عثمان بن عفان، فقال: الحمدُ لله الذي اتّخذ محمّدًا نبيًّا، وبعثه رسولًا، صدقه وعده، ووهب له نصره على كلّ مَن بَعُد نسبًا، أو قرب رَحِمًا؛ - صلى الله عليه وسلم -؛ جعلنا الله له تابعين وبأمره مهتدين؛ فهو لنا نور؛ ونحن بأمره نقوم عند تفرّق الأهواء، ومجادلة الأعداء، جعلنا الله بفضله أئمة وبطاعته أمراء، لا يخرج أمرنا منّا, ولا يدخل علينا غيرنا إلا من سفِهَ الحقّ؛ ونكل عن القصد، وأحْرِ بها يا بن عوف أن تترك، وأحْذِر بها أن تكون إن خولف أمرك وترك دعاؤك؛ فأنا أوّل مجيب لك، وداعٍ إليك، وكفيل بما أقول زعيم؛ وأستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلّم الزبير بن العوام بعده، فقال: أمّا بعد: فإنّ داعيَ الله لا يجهل، ومجيبه لا يخذَل، عند تفرّق الأهواء وليّ الأعناق؛ ولن يقصّر عمّا قلت إلا غويّ، ولن يترك ما دعوت إليه إلّا شقيّ، لولا حدود لله فرضت، وفرائض لله حُدّت، تراح على أهلها، وتحيا لا تموت؛ لكان الموت من الإمارة نجاة، والفرار من الولاية عصمة، ولكن لله علينا إجابة الدعوة، وإظهار السنّة؛ لئلا نموت ميتة عمِّيَّة، ولا نَعْمَى عمى جاهليّة، فأنا مجيبك إلى ما دعوت، ومعينك على ما أمرت، ولا حوْل ولا قوة إلا بالله، وأستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلّم سعد بن أبي وقّاص، فقاله: الحمد لله بديئًا كان، وآخرًا يعود، أحمده لما نجّاني من الضلالة، وبصّرني من الغواية، فبهدي الله فاز مَن نجا، وبرحمته أفلح من زكا، وبمحمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - أنارت الطرق، واستقامت السبل، وظهر كلّ حق، ومات كلّ باطل؛ إياكم أيها النّفر وقولَ الزور، وأمنيّة أهل الغرور، فقد سلبت الأمانيُّ قومًا قيلكم ورثوا ما ورثتم، ونالوا ما نلتم؛ فاتّخذهم الله عدوًّا, ولعنهم لعنًا كبيرًا. قال الله عزّ وجل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} إنّي نكبت قرَني فأخذت سهمي الفالج، وأخذتُ لطلحة بن عبيد الله ما ارتضيت لنفسي؛ فأنا به كفيل، وبما أعطيتُ عنه زعيم، والأمر إليك يا بن عوف! بجهد النفس، وقصد النُّصْح، وعلى الله قصد السبيل، وإليه الرّجوع، وأستغفر الله لي ولكم؛ وأعوذ بالله من مخالفتكم.
ثم تكلّم عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه؛ فقال: الحمدُ لله الذي بعث