أعطيتَه العزيمة كان أزهدَ له فيك؛ ولكن الجهد والطاقة؛ فإنه أرغبُ له فيك. قال: ثم لقي عثمان، فقال: إنّ عبد الرحمن رجل مجتهد؛ وليس والله يبايعك إلّا بالعزيمة، فاقبَل؛ فلذلك قال عليّ:"خدعة".
قال: ثم انصرف بعثمان إلى بيت فاطمة بنة قيس، فجلس والناس معه، فقام المغيرة بن شعبة خطيبًا، فقال: يا أبا محمد! الحمد لله الذي وفّقك؛ والله ما كان لها غير عثمان - وعليّ جالس - فقال عبد الرحمن: يا بن الدّباغ! ما أنت وذاك؟ ! والله ما كنت أبايع أحدًا إلّا قلتَ فيه هذه المقالة!
قال: ثم جلس عثمان في جانب المسجد؛ ودعا بعبيد الله بن عمر - وكان محبوسًا في دار سعد بن أبي وقاص، وهو الذي نزع السيف من يده بعد قتله جُفينة والهُرمزان وابنة أبي لؤلؤة، وكان يقول: والله لأقتلنّ رجالًا ممن شرك في دم أبي - يعرّض بالمهاجرين والأنصار - فقام إليه سعد، فنزع السيف من يده؛ وجذب شعره حتى أضجعه إلى الأرض، وحبسه في داره حتى أخرجه عثمان إليه؛ فقال عثمان لجماعة من المهاجرين والأنصار: أشيروا عليّ في هذا الذي فتَق في الإسلام ما فتَق، فقال عليّ: أرى أن تقتله، فقال بعض المهاجرين: قتل عمر أمسِ ويقتل ابنه اليوم! فقال عمرو بن العاص: يا أميرَ المؤمنين! إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الحَدَث كان ولك على المسلمين سلطان؛ إنما كان هذا الحدَث ولا سلطان لك؛ قال عثمان: أنا وليّهم، وقد جعلتها ديةً، واحتملتها في مالي.
قال: وكان رجل من الأنصار يقال له: زياد بن لبيد البيّاضيّ إذا رأى عبيد الله بن عمر، قال:
ألا يا عبيدَ الله مالك مهربٌ ... ولا مَلْجَأٌ مِنْ ابْنِ أرْوَى ولا خَفَرْ
أصبْتَ دمًا والله في غير حِلّه ... حرامًا وقتلُ الهُرْمُزانِ له خَطَرْ
على غيرِ شيءٍ غيرَ أن قال قائلٌ ... أتَتّهِمُونَ الهُرمزَان على عمرْ
فقال سَفيهٌ - والحوادث جَمَّة ... نعم اتَّهِمْه قد أشار وقد أمر
وكان سلاحُ العبدِ في جوف بيتِهِ ... يقَلّبها والأمرُ بالأمرِ يُعتَبرْ
قال: فشكا عبيد الله بن عمر إلى عثمان زياد بن لَبِيد وشعره، فدعا عثمان زياد بن لَبِيد، فنهاه. قال: فأنشأ زياد يقول في عثمان: