فاتّهمه عمر لأنه المشير؛ فكتب إلى عمرو: أن صِفْ لي البحر؛ ثم اكتب إليّ بخبره: فكتب إليه: يا أمير المؤمنين! إني رأيتُ خلقًا عظيمًا، يركبه خلق صغير؛ ليس إلا السّماء والماء؛ وإنما هم كدودٍ على عود، إن مال غرِق، وإن نجا برِق (١). (٤: ٢٥٩).
٦٩٢ - وكتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن أبي عثمان، وأبي حارثة، عن عبادة، عن جُنادة بن أبي أميّة والربيع وأبي المُجالد، قالوا: كتب عمر إلى معاوية: إنا سمعنا: أن بحر الشأم يشرِف على أطول شيء على الأرض، يستأذن الله في كلّ يوم وليلة في أن يُفِيض على الأرض فيغرّقها؛ فكيف أحمل الجنود في هذا البحر الكافر المستصعب؛ وتالله لمسلمٌ أحبّ إليّ مما حوت الروم! فإيّاك أن تَعرَّض لي؛ وقد تقدّمت إليك، وقد علمت ما لقي العلاء منّي، ولم أتقدّم إليه في مثل ذلك.
وقالوا: ترك ملك الروم الغزو، وكاتب عمرَ، وقاربه، وسأله عن كلمة يجتمع فيها العلم كله، فكتب إليه: أحِبّ للناس ما تحبّ لنفسك، واكره لهم ما تكره لها، تجتمع لك الحكمة كلّها. واعتبر الناس بما يليك، تجتمع لك المعرفة كلها.
وكتب إليه ملك الروم - وبعث إليه بقارورة: أن املأ لي هذه القارورة من كلّ شيء، فملأها ماء، وكتب إليه: إن هذا كلّ شيء من الدنيا.
وكتب إليه ملك الروم: ما بين الحق والباطل؟ فكتب إليه: أربع أصابع؛ الحقّ فيما يرى عيانًا، والباطل كثيرًا يستمَع به فيما لم يعايَن.
وكتب إليه ملك الروم يسأله عمّا بين السماء والأرض وبين المشرق والمغرب، فكتب إليه: مسيرة خمسمئة عام للمسافر؛ لو كان طريقًا مبسوطًا.
قال: وبعثت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب إلى ملكة الروم بطيب، ومشارب، وأحفاش من أحفاش النساء، ودسّته إلى البريد، فأبلغه لها، وأخذ منه. وجاءت امرأة هرقل، وجمعت نساءها، وقالت: هذه هديّة امرأة ملك العرب، وبنت نبيّهم. وكاتبتها وكافأتها، وأهدت لها؛ وفيما أهدت لها عِقْد