بينهما وبين القوم سِتر؛ إحداهما بنت ذي الخِمار، والأخرى بنت أبي عَقيل، فنام الوليد، وتفرّق القوم عنه؛ وثبت أبو زينب وأبو مورِّع، فتناول أحدهما خاتمه، ثم خرجا، فاستيقظ الوليد؛ وامرأتاه عند رأسه، فلم ير خاتمه، فسألهما عنه فلم يجد عندهما منه علمًا، قال: فأيّ القوم تخلّف عنهم؟ قالتا: رجلان لا نعرفهما، ما غشيناك إلا منذ قريب. قال: حَلّياهما، فقالتا: على أحدهما خَميصة، وعلى الآخر مُطرَف، وصاحب المُطْرَف أبعدهما منك، فقال: الطُّوال؟ قالتا: نعم؛ وصاحب الخميصة أقربهما إليك، فقال: القصير؟ قالتا: نعم؛ وقد رأينا يده على يدك. قال: ذاك أبو زينب، والآخر أبو مورّع؛ وقد أرادا داهية، فليت شعري ماذا يريدان! فطلبهما فلم يقدِرْ عليهما؛ وكان وجْهُهما إلى المدينة، فقدما على عثمان؛ ومعهما نفر ممن يعرف عثمان، ممن قد عزَل الوليد عن الأعمال، فقالوا له، فقال: مَنْ يشهد؟ قالوا: أبو زينب، وأبو مورِّع، وكاع الآخران، فقال: كيف رأيتما؟ قالا: كنّا من غاشيته؛ فدخلنا عليه وهو يَقيء الخمر، فقال: ما يقيء الخمر إلّا شاربها. فبعث إليه، فلما دخل على عثمان رآهما، فقال متمثّلًا:
ما إنْ خشيتُ على أمْرٍ خَلوْتُ به ... فلم أخَفْك على أمثالها حارِ
فحلف له الوليد، وأخبره خبرهم، فقال: نقيم الحدود، ويبوء شاهد الزور بالنّار؛ فاصبر يا أُخيَّ! فأمر سعيد بن العاص فجلده، فأورث ذلك عداوةً بين ولديهما حتى اليوم؛ وكانت على الوليد خَمِيصة يوم أمر به أن يجلد، فنزعها عنه علي بن أبي طالب عليه السلام (١)(٤: ٢٧٦).
٧١٥ - كتب إليّ السّريّ عن شعيب، عن سيف، عن عُبَيد الطنافسيّ، عن أبي عبيدة الإياديّ، قال: خرج أبو زينب، وأبو مورِّع حتى دخلا على الوليد بيته، وعنده امرأتان: بنت ذي الخِمار، وبنت أبي عَقِيل؛ وهو نائم، قالت إحداهما: فأكبّ عليه أحدهما فأخذ خاتَمه، فسألهما حين استيقظ، فقالتا: ما أخذناه، قال: مَنْ بقي آخر القوم؟ قالتا: رجلان؛ رجل قصير عليه خَمِيصة، ورجل طويل عليه مُطَرف، ورأينا صاحب الخميصة أكبّ عليك، قال ذاك