يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ؛ فقال له رجل: يا رسول الله! إنهم لا يقبلون كتابًا إلا مَختومًا، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُعمل له خاتم من حديد، فجعله في إصبعه، فأتاه جبريل، فقال له: انبذه من إصبعك، فنبذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إصبعه، وأمر بخاتم آخر يُعمل له، فعمل له خاتم من نُحاس، فجعله في إصبعه، فقال له جبريل عليه السلام: انبذه من إصبعك، فنبذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إصبعه، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخاتم من وَرِق، فصنع له خاتم من وَرق فجعله في إصبعه، فأقرّه جبريل، وأمران ينقش عليه:"محمد رسول الله"، فجعل يتختّم به، ويكتب إلى من أراد أن يكتب إليه من الأعاجم، وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر. فكتب كتابًا إلى كسرى بن هرمز فبعثه مع عمر بن الخطاب، فأتى به عمر كسرى فقرئ الكتاب، فلم يلتفت إلى كتابه، فقال عمر: يا رسول الله! جعلني الله فداءك! أنت على سرير مرمول باللِّيف، وكسرى بن هرمز على سرير من ذهب، وعليه الدّيباج! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة! " فقال: جعلني الله فداءك! قد رضيت.
وكتب كتابًا آخر، فبعث به مع دِحْية بن خليفة الكلبيّ إلى هرقل ملك الروم يدعوه إلى الإسلام، فقرأه وضمّه إليه، ووضعه عنده، فكان الخاتم في إصبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتختّم به حتى قبضه الله عزّ وجلّ، ثم استخلف أبو بكر فتختّم به حتى قبضه الله عزّ وجلّ، ثم ولي عمر بن الخطاب بعد فجعل يتختم به حتى قبضه الله، ثم ولي من بعده عثمان بن عفان، فتختّم به ستّ سنين، فحفر بئرًا بالمدينة شِرْبًا للمسلمين، فقعد على رأس البئر، فجعل يعبث بالخاتم، ويُديره بإصبعه، فانسلّ الخاتم من إصبعه فوقع في البئر، فطلبوه في البئر، ونزحوا ما فيها من الماء، فلم يقدروا عليه، فجعل فيه مالًا عظيمًا لمن جاء به، واغتمّ لذلك غمًّا شديدًا، فلما يئس من الخاتم، أمر فصنِع له خاتم آخر مثله، خلْقه من فضّة، على مثاله وشبهه، ونقش عليه:"محمد رسول الله"؛ فجعله في إصبعه حتى هلَك؛ فلما قتِل ذهب الخاتم من يده فلم يُدْرَ مَن أخذه (١). (٤: ٢٨١/ ٢٨٢/ ٢٨٣).
٧٢٥ - فأما العاذرون معاوية في ذلك، فإنهم ذكروا في ذلك قصّةً كتب إليّ