للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث شئتَ. قال: فركب في مركب وحدَه ما معه إلا القِبْط؛ حتى بلغوا ذات الصواري؛ فلقُوا جموع الرّوم في خمسمئة مركب، أو ستمئة فيها القسطنطين بن هرقل، فقال: أشيروا عليّ، قالوا: ننظر الليلة، فباتوا يضربون بالنّواقيس، وبات المسلمون يصلّون ويدعون الله.

ثم أصبحوا وقد أجمع القسطنطين أن يقاتل، فقرّبوا سفنَهم، وقرّب المسلمون فربطوا بعضها إلى بعض، وصفّ عبد الله بن سعد المسلمين على نواحي السفن، وجعل يأمرهم بقراءة القرآن، ويأمرهم بالصبر، ووثبت الرّوم في سفن المسلمين على صفوفهم حتى نقضوها؛ فكانوا يقاتلون على غير صفوف. قال: فاقتتلوا قتالًا شديدًا. ثم إن الله نصر المؤمنين، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة لم ينجُ من الرّوم إلّا الشريد.

قال: وأقام عبد الله بذات الصواري أيّامًا بعد هزيمة القوم، ثم أقبل راجعًا؛ وجعل محمد بن أبي حُذيفة يقول للرجل: أما والله لقد تركنا خلفنا الجهاد حقًّا، فيقول الرجل: وأيّ جهاد؟ فيقول: عثمان بن عفان فعل كذا وكذا، وفعل كذا وكذا حتى أفسد الناس. فقدموا بلدَهم وقد أفسدهم، وأظهروا من القول ما لم يكونوا ينطقون به (١). (٤: ٢٩١/ ٢٩٢).

٧٤١ - قال محمد بن عمر: فحدّثني معمر بن راشد عن الزُّهريّ، قال: خرج محمد بن أبي حُذيفة، ومحمد بن أبي بكر عامَ خرج عبد الله بن سعد، فأظهرا عيب عثمان، وما غيّر، وما خالف به أبا بكر وعمر؛ وأنّ دم عثمان حلال. ويقولان: استعملَ عبدَ الله بن سعد؛ رجلًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أباح دمه ونزل القرآن بكفره، وأخرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا وأدخلهم، ونزع أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستعمل سعيد بن العاص وعبد الله بن عامر. فبلغ ذلك عبدَ الله بن سعد، فقال: لا تركبا معنا، فركبا في مركب ما فيه أحد من المسلمين، ولقُوا العدوّ؛ وكانا أقلَّ المسلميين قتالًا، فقيل لهما في ذلك، فقالا: كيف نقاتل مع رجل لا ينبغي لنا أن نحكِّمه! عبد الله بن سعد استعمله عثمان، وعثمان فعل وفعل! فأفسدا أهلَ تلك الغزاة، وعابا عثمان أشدّ العيب. فأرسل عبدُ الله بن سعد إليهما


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>