أخيه قيس، عن أبيه، قال: كان يزيد بن معاوية، وعَلقمة بن قيس، ومعْضَد الشيبانيّ، وأبو مفزّر التميميّ في خِباء، وعمرو بن عتبة وخالد بن ربيعة والحَلحال بن ذُرِّيّ، والقَرْثَع في خِباء، وكانوا متجاورين في عسكر بَلنْجَر؛ وكان القَرْثَع يقول: ما أحسن لمْع الدماء على الثياب! وكان عمرو بن عتبة يقول لقَباء عليه أبيض: ما أحسن حُمرة الدماء في بياضك!
وغزا أهل الكوفة بَلَنْجر سنين من إمارة عثمان لم تئِمْ فيهنّ امرأة، ولم ييتم فيهنّ صبيّ من قَتْلٍ، حتى كان سنة تسع؛ فلمّا كان سنة تسع قبل المزاحفة بيومين رأى يزيد بن معاوية: أنّ غزالًا جيء به إلى خبائه، لم ير غزالًا أحسن منه حتى لُفّ في ملحفته، ثم أتِيَ به قبر عليه أربعة نفر لم ير قبرًا أشدّ استواء منه ولا أحسن منه، حتى دفن فيه؛ فلمّا تغادى الناس على الترك رُمي يزيد بحجر، فهشم رأسه، فكأنما زُيِّن ثوبه بالدماء زينة، وليس يتلطّخ؛ فكان ذلك الغزال الذي رأى، وكان بذلك الدم على ذلك القَباء الحسن، فلما كان قبل المزاحفة بيوم تَغادوْا، فقال مِعْضَد لعلقمة: أعِرْني بُرْدَك أعصِّب به رأسي؛ ففعل، فأتى البُرْج الذي أصيب فيه يزيد؛ فرماهم فقتل منهم، ورُمي بحجر في عرّادة، ففضخ هامته، واجترّه أصحابُه فدفنوه إلى جنب يزيد، وأصاب عمرو بن عتبة جراحة؛ فرأى قباءه كما اشتهى، وقتل؛ فلما كان يوم المزاحفة قاتل القَرثَع حتى خُرِّق بالحراب، فكأنما كان قباؤه ثوبًا أرضُه بيضاء ووشيهُ أحمر، وما زال الناس ثبوتًا حتى أصيب، وكانت هزيمة الناس مع مقتله (١). (٤: ٣٠٥/ ٣٠٦).
٧٦٣ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن داود بن يزيد، قال: كان يزيد بن معاوية النَّخعيّ - رضي الله عنه - وعمرو بن عتبة ومَعضد أصيبوا يوم بَلَنجر؛ فأمّا معْضد فإنه اعتجر ببُرد لعلقمة، فأتاه شَظيّة من حجر منجنيق، فأمّه، فاستصغره، ووضع يده عليه فمات فغسل دمه علقمة، فلم يخرج؛ وكان يحضر فيه الجمعة، وقال يحرّضني عليه: إنّ فيه دمَ مِعضد. فأما عمرو؛ فلبس قباء أبيض، وقال: ما أحسن الدم على هذا! فأتاه حجر فقتله، وملأه دمًا، وأما يزيد؛ فدلِّيَ عليه شيء فقتله، وقد كانوا حفروا قبرًا فأعدّوه؛ فنظر إليه يزيد،