رأى مِنْ صاحبِكم من الكرامة والمنزلة؛ فمرحبًا بكم وأبشروا؛ وأنا أدعوكم إلى الصّلح فيما بينكم وبيننا؛ على أن أؤدّي إليكم خَراجًا ستين ألف درهم؛ وأن تُقرّوا بيدي ما كان ملك الملوك كسرى أقطع جدّ أبي حيث قتل الحيّة التي أكلت الناس، وقطعت السُّبل من الأرضين والقُرى بما فيها من الرّجال، ولا تأخذوا من أحد من أهل بيتي شيئًا من الخراج، ولا تخرج المرْزبة من أهل بيتي إلى غيركم، فإن جعلتَ ذلك لي خرجتُ إليك؛ وقد بعثت إليك ابنَ أخي ماهَك ليستوثق منك بما سألت.
قال: فكتب إليه الأحنف:
بسم الله الرحمن الرحيم
من صَخْر بن قيس أمير الجيش إلى باذان مرزبان مَرْوروذ ومَن معه من الأساورة والأعاجم: سلام على من اتّبع الهدى، وآمن واتّقى. أما بعد؛ فإن ابن أخيك ماهَك قدم عليّ، فنصح لك جهده، وأبلغ عنك؛ وقد عرضت ذلك على مَن معي من المسلمين، وأنا وهم فيما عليك سواء؛ وقد أجبناك إلى ما سألتَ، وعرضت على أن تؤدّي عن أكَرتك وفلّاحيك والأرضين ستّين ألف درْهم إليّ وإلى الوالي من بعدي من أمراء المسلمين؛ إلّا ما كان من الأرَضين التي ذكرتَ أن كسرى الظالم لنفسه أقطع جدّ أبيك لِمَا كان من قتله الحيّة التي أفسدت الأرض وقطعت السُّبل. والأرضُ لله ولرسوله يُورثها مَنْ يشاء مِنْ عباده، وإنّ عليك نُصرة المسلمين وقتال عدوّهم بمن معك من الأساورة؛ إنْ أحبَّ المسلمون ذلك وأرادوه؛ وإنّ لك على ذلك نصرة المسلمين على من يقاتل من وراءك من أهل ملّتك، جارٍ لك بذلك منّي كتاب يكون لك بعدي، ولا خراجَ عليك ولا على أحد من أهل بيتك من ذوي الأرحام؛ وإن أنت أسلمت، واتبعت الرسول؛ كان لك من المسلمين العطاء، والمنزلة، والرزق، وأنت أخوهم؛ ولك بذلك ذمتي، وذمة أبي، وذمم المسلمين، وذمم آبائهم. شهد على ما في هذا الكتاب جَزء ابن معاوية - أو معاوية بن جزء السعديّ - وحمزة بن الهرْماس، وحُميد بن الخيار المازنيّان، وعياض بن ورقاء الأسيديّ. وكتب كَيْسان مولى بني ثعلبة يوم الأحد من شهر الله المحرّم. وختم أمير الجيش الأحنف بن قيس. ونقش خاتم