عليه وهو يقرأ في المصحف، فقال: الأمير أراد أن يمرّ بك فأحببت أن آخبرك، فلم يقطع قراءته، ولم يُقبل عليه، فقام من عنده خارجًا، فلما انتهى إلى الباب؛ لقيَه ابنُ عامر، فقال: جئتك من عند امرئ لا يرى لآل إبراهيم عليه فضلًا؛ واستأذن ابن عامر، فدخل عليه، وجلس إليه، فأطبق عامرٌ المصحف، وحدّثه ساعة، فقال له ابنُ عامر: ألا تغشانا؟ فقال: سعد بن أبي العرجاء يحبّ الشرف، فقال: ألا نستعملك؟ فقال: حصين بن أبي الحرّ يحب العمل، فقال: ألا نزوّجك؟ فقال: ربيعة بن عِسْل يعجبه النساء، قال: إن هذا يزعم أنك لا ترى لآل إبراهيم عليك فضلًا، فتصفّح المصحف؛ فكان أوّل ما وقع عليه وافتتح منه:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}، فلما رُدّ حُمران تتبّع ذلك منه، فسعى به، وشهد له أقوأم فسيّره إلى الشام، فلما علموا علمه؛ أذنوا له، فأبى، ولزم الشام (١). (٤: ٣٢٧).
٧٨٥ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة: أنّ عثمان سير حُمران بن أبان، أن تزوَّج امرأة في عِدتها، وفرق بينهما، وضربه وسيّره إلى البصرة، فلما أتى عليه ما شاء الله، وأتاه عنه الذي يحبّ؛ أذن له. فقدم عليه المدينة، وقدم معه قوم سعَوْا بعامر بن عبد قيس؛ أنه لايرى التزويج، ولا يأكل اللحم؛ ولا يشهد الجمعة - وكان مع عامر انقباض؛ وكان عمله كله خُفية - فكتب إلى عبد الله بن عامر بذلك، فألحقه بمعاوية؛ فلما قدم عليه؛ وافقه وعنده ثَريدة فأكل أكلًا غريبًا؛ فعرف: أنّ الرجل مكذوب عليه، فقال: يا هذا! هل تدري فيم أخرجت؟ قال: لا، قال: أبلغَ الخليفة أنك لا تأكل اللحم، ورأيتُك وعرفت أن قد كُذب عليك، وأنك لا ترى التزويج، ولا تشهد الجمعة، قال: أمّا الجمعة فإني أشهدها في مؤخّر المسجد ثم أرجع في أوائل الناس؛ وأمّا التزويج فإني خرجت وأنا يُخْطَب عليّ؛ وأما اللحم فقد رأيتَ، ولكنيّ كنت امرأ لا آكل ذبائح القصّابين منذ رأيت قَصّابًا يجرّ شاةً إلى مذبحها، ثم وضع السكين على مذبحها، فما زال يقول: النَّفاق النَّفاق، حتى وجبت قال: فارجع، قال: لا أرجع إلى بلد استحلّ أهله منّي ما استحلوا ولكنّي أقيم بهذا البلد الذي اختاره الله لي. وكان يكون في السواحل؛ وكان يلقى معاوية، فيُكثر