حقوق الله فلا تُدْهِنوا فيها. فلما نفر عثمان أشخص معاوية وعبد الله بن سعد إلى المدينة، ورجع ابن عامر وسعيد معه. ولما استقلّ عثمان رَجَزَ الحادي:
قد عَلِمتْ ضَوَامرُ المَطِيِّ ... وضَامِراتُ عَوَجِ القِسِيِّ
أنَّ الأميرَ بعدَه عَليُّ ... وفي الزُّبَيْر خَلفٌ رَضِيُّ
وطلحةُ الحامي لَها وَليُّ
فقال كعب وهو يسير خلفَ عثمان: الأميرُ والله بعدَه صاحبُ البغلة - وأشار إلى معاوية (١). (٤: ٣٤٢، ٣٤٣).
٧٩٥ - حدّثني عبد الله بن أحمد بن شَبَّوَيْه، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عبد الله، عن إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة، قال: أرسل عثمان إلى طلحة يدعوه؛ فخرجتُ معه حتى دخل على عثمان، وإذ عليٌّ، وسعد، والزبير، وعثمان، ومعاوية، فحمِد الله معاويةُ وأثْنَى عليه بما هو أهله، ثم قال: أنتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخيرتُه في الأرض، وولاة أمر هذه الأمة، لا يطمع في ذلك أحد غيركم، اخترتم صاحبَكم عن غير غَلَبة ولا طمع، وقد كبرتْ سنُه، وولّى عمرُه، ولو انتظرتم به الهَرَم كان قريبًا؛ مع أني أرجو أن يكون أكرَم على الله أن يبلغ به ذلك، وقد فشتْ قالةٌ خفْتُها عليكم، فما عتبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به، ولا تُطمعوا الناس في أمركم، فوالله لئن طمعوا في ذلك؛ لا رأيتم فيها أبدًا إلَّا إدبارًا. قال عليّ: ومالك وذلك! وما أدراك لا أمَّ لك! قال: دع أمّي مكانَها، ليست بشرّ أمّهاتِكم، قد أسلمتْ، وبايَعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وأجبْني فيما أقول لك. فقال عثمان: صدق ابن أخي، إنّي أخبركم عنّي وعمّا وليتُ، إنّ صاحبيّ اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل احتسابًا، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي قرابته، وأنا في رهط أهل عَيْلة، وقلّة معَاش، فبسطت يدي في شيء من ذلك المال، لمكان ما أقوم به فيه، ورأيت: أنّ ذلك لي، فإن رأيتم ذلك خطأ فردّوه، فأمري لأمركم تَبَع. قالوا: أصبتَ، وأحسنتَ؛ قالوا: أعطيتَ عبد الله بن خالد بن أسيد ومروان - وكانوا يزعمون أنه أعطى مروان خمسة عشر ألفًا، وابن أسيد خمسين ألفًا - فرُدّوا منهما ذلك،