هذا، فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهدانا به، قد رأيت العاصيَ بن وائل ورأيت أباك عفان، فوالله للعاصُ كانَ أشرفَ من أبيك. قال: فانكسر عثمان، وقال: ما لنا ولذكر الجاهليّة!
قال: وخرج عمرو، ودخل مَرْوان، فقال: يا أميرَ المؤمنين! وقد بلغتَ مبلغًا يذكر عمرو بن العاص أباك! فقال عثمان: دَعْ هذا عنك، مَن ذى آباء الرجال ذكروا أباه.
قال: فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه، يأتي عليًّا مرّة فيؤلِّبه على عثمان، ويأتي الزّبير مرة فيؤلِّبه على عثمان، ويأتي طلحة مرة فيؤلِّبه على عثمان، ويعترض الحاجّ فيخبرهم بما أحدث عثمان، فلمَّا كان حَصْر عثمان الأوّل؛ خرج من المدينة، حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها: السبْع؛ فنزل في قصر له يقال له: العجلان، وهو يقول: العجب ما يأتينا عن ابن عفان! .
قال: فبينا هو جالس في قَصْره ذلك، ومعه ابناه محمد، وعبد الله، وسلامة بن رَوْح الجُذاميّ؛ إذْ مرّ بهم راكب، فناداه عمرو: من أين قدم الرجل؟ فقال: من المدينة، قال: ما فعل الرجل؟ يعني: عثمان، قال: تركتُه محصورًا شديد الحصار. قال عمرو: أنا أبو عبد الله؛ قد يضرط العَيْر والمكواة في النار. فلم يبرح مجلسه ذلك حتى مرّ به راكب آخر، فناداه عمرو: ما فعل الرجل؟ يعني: عثمان، قال: قتل، قال: أنا أبو عبد الله؛ إذا حكَكْتُ قَرْحة نكأتها، إن كُنت لأحرّض عليه؛ حتى إني لأحرّض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل. فقال له سلامة بن روح: يا معشرَ قريش! إنه كان بينكم وبين العرب باب وثيق فكسرتموه، فما حملكم على ذلك؟ فقال: أردنا أن نُخرج الحقّ من حافرة الباطل، وأن يكون الناس في الحقّ شَرَعًا سواء. وكانت عند عمرو أخت عثمان لأمِّه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، ففارقها حين عزله (١). (٤: ٣٥٦/ ٣٥٧).
٧٩٨ - قال محمد بن عمر: وحدّثني عبد الله بن محمد عن أبيه، قال: كان محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة بمصر يحرّضان على عثمان، فقدم محمد بن أبي بكر، وأقام محمد بن أبي حُذَيفة بمصر، فلما خرج المصريون؛