للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الأعور ببعضِ الطريق، فسألوه: أيْن يريد؟ قال: أريد مصر؛ ومعه رجل من أهل الشأم من خوْلان؛ فلما رأوه على جمل عثمان، قالوا له: هل معك كتاب؟ قال: لا، قالوا: فيمَ أُرسِلتَ؟ قال: لا علم لي، قالوا: ليس معك كتاب ولا علم لك بما أرسِلت! إن أمرَك لمريب! ففتَّشوه، فوجدوا معه كتابًا في إداوة يابسة، فنظروا في الكتاب، فإذا فيه قتْل بعضهم، وعقوبة بعضهم في أنفسهم وأموالهم. فلما رأوا ذلك رجعوا إلى المدينة، فبلغ الناسَ رجوعُهم، والذي كان من أمرهم فتراجعوا من الآفاق كلها، وثار أهل المدينة (١) (٤: ٣٦٧).

٨١٠ - حدّثني جعفر، قال: حدّثنا عمرو وعليّ، قالا: حدّثنا حسين، عن أبيه، عن محمد بن السائب الكلبيّ، قال: إنما ردّ أهلَ مصر إلى عثمان بعد انصرافهم عنه: أنه أدركهم غلام لعثمان على جَمل له بصحيفة إلى أمير مصر أن يقتل بعضهم، وأن يصلب بعضهم. فلما أتوا عثمان، قالوا: هذا غلامك، قال: غلامي انطلق بغير علمي، قالوا: جملك، قال: أخذه من الدار بغير أمري، قالوا: خاتَمك، قال: نقش عليه، فقال عبد الرحمن بن عُدَيس التُّجيبيّ حين أقبل أهل مصر:

أقْبلْنَ مِنْ بَلْبِيسَ والصَّعيدِ ... خُوصًا كأمثال القسِيِّ قودِ

مسْتحْقِباتٍ حَلَقَ الحديدِ ... يطْلُبْنَ حَقَّ اللهِ في الوَليدِ

وعِندَ عثمانَ وَفي سَعيد ... يا رَبِّ فارْجِعنا بما نريدُ

فلما رأى عثمان ما قد نزل به، وما قد انبعث عليه من النّاس، كتب إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بالشأم: بسم الله الرحمن الرحيم، أَمَّا بعد؛ فإنّ أهل المدينة قد كفروا، وأخلفوا الطاعة، ونكثوا البيعة، فابعث إليّ من قِبلَك من مقاتلة أهل الشأم على كلّ صعب وذَلول.

فلما جاء معاويةَ الكتاب تربّص به، وكره إظهارَ مخالفة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد علم اجتماعهم؛ فلما أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد بن كُرْز، وإلى أهل الشأم يستنفرهم ويُعظّم حقَّه عليهم، ويذكر الخلفاء وما أمر الله عزّ وجلّ به من طاعتهم ومناصحتهم، ووعدِهم أن ينجدَهم جندٌ أو بطانةٌ


(١) في إسناده (جعفر بن عبد الله المحمدي) مجهول الحال وهو خبر منكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>