قال: فحمد الله عثمانُ وأثنى عليه، ثم قال: والله ما كتبتُ، ولا أمرتُ، ولا شوورت، ولا علمتُ. قال: فقلت، وعليّ جميعًا: قد صدق. قال: فاستراح إليها عثمان، فقال المصريون: فمن كتبه؟ قال: لا أدري، قال: أفيجترأ عليك فيُبعثَ غلامُك وجملٌ من صدقات المسلمين، وينقَش على خاتمك، ويكتب إلى عاملك بهذه الأمور العظام وأنت لا تعلم! قال: نعم، قالوا: فليس مثلك يلي، اخلَعْ نفسك من هذا الأمر كما خلعك الله منه قال: لا أنزع قميصًا ألبسنيه الله عز وجل. قال: وكثرت الأصوات واللغط، فما كنت أظن أنهم يخرجون حتى يواثبوه. قال: وقام عليٌّ فخرج، قال: فلما قام علي قمت، قال: وقال للمصريين: اخرجوا، فخرجوا. قال: ورجعت إلى منزلي، ورجع عليٌّ إلى منزله، فما برحوا محاصريه حتى قتلوه (١). (٤: ٣٧٢/ ٣٧٣ / ٣٧٤/ ٣٧٥).
٨١٤ - قال محمّد بن عمر: وحدَّثني عبد الله بن الحارث بن الفُضيل، عن أبيه، عن سفيان بن أبي العوْجاء، قال: قدم المصريّون القَدْمة الأولى، فكلّم عثمانُ محمد بنَ مسلمة، فخرج في خمسين راكبًا من الأنصار، فأتوهم بذي خُشُب فردّهم، ورجع القوم حتى إذا كانوا بالبُويب؛ وجدوا غلامًا لعثمان معه كتاب إلى عبد الله بن سعد، فكرّوا، فانتهوا إلى المدينة، وقد تخلّف بها من الناس الأشتر، وحُكَيم بن جَبَلة، فأتوا بالكتاب، فأنكر عثمان أن يكون كتبه، وقال: هذا مفتعَل، قالوا: فالكتاب كتابُ كاتِبك! قال: أجل؛ ولكنّه كتبه بغير أمري، قالوا: فإن الرسول الذي وجدنا معه الكتابَ غلامُك؛ قال: أجل؛ ولكنه خرج بغير إذني، قالوا: فالجمل جملُك، قال: أجل؛ ولكنه أخذ بغير علمي، قالوا: ما أنت إلَّا صادق أو كاذب؛ فإن كنت كاذبًا؛ فقد استحققتَ الخلع لمَا أمرت به من سفك دمائنا بغير حقها، وإن كنت صادقًا؛ فقد استحققت أن تخلع لضعفك، وغفلتك، وخبث بطانتك؛ لأنه لا ينبغي لنا أن نترك على رقابنا مَنْ يُقتطع مثل هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته. وقالوا له: إنّك ضربت رجالًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما يستنكرون من أعمالك؛ فأقدْ مِن نفسك مَن ضربته وأنت له ظالم، فقال: الإمام يخطئ ويصيب؛ فلا أقيد من نفسي؛ لأني لو أقدت كلّ من أصبته بخطأ آتي على
(١) في إسناده الواقدي وهو متروك، والخبر إلى الواقدي منقطع.