فهذا شرّ؛ فيخرج نفسه من هذا الأمر. ثم قالوا: انطلق معنا إليه، فقد كلمنا عليًّا، ووعدنا أن يكلّمه إذا صلى الظهر. وجئنا سعد بن أبي وقّاص، فقال: لا أدخل في أمركم. وجئنا سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل فقال مثل هذا؛ فقال محمد: فأين وَعَدكم عليّ؟ قالوا: وعَدنا إذا صلى الظهر أن يدخل عليه.
قال محمد: فصليت مع عليّ، قال: ثم دخلت أنا وعليّ عليه، فقلنا: إن هؤلاء المصريين بالباب، فأذن لهم - قال: ومروان عنده جالس - قال: فقال مروان: دعني جعلت فداك أكلّمهم! قال: فقال عثمان: فضّ الله فاك! اخرج عني؛ وما كلامك في هذا الأمر! قال: فخرج مروان، قال: وأقبل عليّ عليه - قال: وقد أنهى المصريُّون إليه مثل الذي أنهوا إليّ - قال: فجعل عليّ يخبره ما وجدوا في كتابهم. قال: فجعل يقسم بالله ما كتب ولا علم ولا شُوور فيه. قال: فقال محمد بن مسلمة: والله إنه لصادق؛ ولكن هذا عمل مرْوان، فقال عليّ: فأدخلهم عليك؛ فليسمعوا عذرك، قال: ثم أقبل عثمان على عليّ، فقال: إنّ لي قرابة ورحمًا؛ والله لو كنتَ في هذه الحلْقة لحللتها عنك؛ فاخرج إليهم، فكلِّمهم؛ فإنهم يسمعون منك. قال عليّ: والله ما أنا بفاعل؛ ولكن أدخِلْهم حتى تعتذر إليهم؛ قال: فادخلوا.
قال محمد بن مسلمة: فدخلوا يومئذ، فما سلّموا عليه بالخلافة، فعرفتُ: أنه الشرّ بعينه؛ قالوا: سلام عليكم، فقلنا: وعليكم السلام، قال: فتكلَّم القوم وقد قدّموا في كلامهم ابنَ عُدَيس، فذكر ما صنع ابنُ سعد بمصر، وذكر تحاملًا منه على المسلمين وأهل الذمّة، وذكر استئثارًا منه في غنائم المسلمين؛ فإذا قيل له في ذلك، قال: هذا كتاب أمير المؤمنين إليّ، ثم ذكروا أشياء مما أحدث بالمدينة، وما خالف به صاحبيه. قال: فرحلنا من مصر ونحن لا نريد إلَّا دمَك أو تنزعَ؛ فردّنا عليّ، ومحمد بن مسلمة، وضمِن لنا محمد النزوع عن كلّ ما تكلمنا فيه - ثم أقبلوا على محمد بن مسلمة، فقالوا: هل قلت ذاك لنا؟ قال محمد: فقلت: نعم - ثم رجعنا إلى بلادنا نستظهر بالله عزّ وجلّ عليك ويكون حجة لنا بعد حجّة حتى إذا كنا بالبُوَيْب؛ أخذنا غلامك فأخذنا كتابَك وخاتمَك إلى عبد الله بن سعد، تأمره فيه بجلد ظهورنا، والمَثْل بنا في أشعارنا، وطول الحبس لنا؛ وهذا كتابك.