فإنْ لم ينزع؟ قال: قلت: فأمركم إليكم. قال: فانصرف القوم وهم راضون، فرجعت إلى عثمان، فقلت: أخلني فأخلاني، فقلت: الله الله يا عثمان في نفسك! إنّ هؤلاء القوم إنما قدموا يريدون دَمك، وأنت ترى خذلان أصحابك لك؛ لا بل هم يقوّون عدوّك عليك. قال: فأعطاني الرّضا، وجزاني خيرًا. قال: ثمّ خرجتُ من عنده، فأقمت ما شاء الله أن أقيم.
قال: وقد تكلّم عثمان برجوع المِصريين، وذكر أنهم جاؤوا لأمر، فبلغهم غيرُه فانصرفوا، فأردت أن آتيَه فأعنِّفه بهما، ثم سَكتّ فإذا قائل يقول: قد قدم المصريون وهم بالسُّويداء، قال: قلت: أحقٌّ ما تقول؟ قال: نعم، قال: فأرسل إليّ عثمان.
قال: وإذا الخبر قد جاءه، وقد نزل القوم من ساعتهم ذا خُشب، فقال: يا أبا عبد الرّحمن! هؤلاء القوم قد رجعوا، فما الرأي فيهم؟ قال: قلت: والله ما أدري؛ إلَّا أني أظن أنهم لم يرجعوا لخير. قال: فارجع إليهم فارددهم، قال: قلت: لا والله ما أنا بفاعل! قال: ولم؟ قال: لأنّي ضمنتُ لهم أمورًا تنزع عنها، فلم تنزع عن حرف واحد منها. قال: فقال: الله المستعان.
قال: وخرجتُ، وقدم القوم، وحلُّوا بالأسواف، وحصروا عثمان.
قال: وجاءني عبدُ الرحمن بن عُدَيس ومعه سُودان بن حُمران وصاحباه، فقالوا: يا أبا عبد الرّحمن! ألم تعْلم أنّك كلّمتَنا ورددتنا وزعمت أنّ صاحبنا نازعٌ عمّا نكره. فقلت: بلى، قال: فإذا هم يُخرِجون إليّ صحيفة صغيرة. قال: وإذا قصبة من رصاص؛ فإذا هم يقولون: وجدنا جملًا من إبل الصدقة عليه غلام عثمان، فأخذنا متاعه ففتّشناه، فوجدنا فيه هذا الكتاب؛ فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد؛ فإذا قدم عليك عبدُ الرحمن بن عُدَيس فاجْلِدْه مئة جلدة، واحلِق رأسه ولحيته، وأطِلْ حبْسَه حتى يأتيَك أمري؛ وعمرو بن الحمق فافعل به مثلَ ذلك، وسُودان بن حمران مثلَ ذلك، وعروة بن النِّباع الليثيّ مثلَ ذلك. قال: فقلت: وما يدريكم أنّ عثمان كتب بهذا؟ قالوا: فيفتات مروان على عثمان بهذا!