للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطّلع منه على غير ما قال. وقال: إن كان كما قلتَ يا كميل فاقتدْ منّي -وجثا- فوالله ما حسبتك إلّا تريدني، وقال: إن كنتَ صادقًا فأجزل الله، وإن كنتَ كاذبًا فأذلّ الله. وقعد له على قدميه، وقال: دونك! قال: قد تركمتُ. فبقيا حتى أكثر الناس في نجائهما، فلمّا قدم الحجّاج قال: مَن كان من بعْث المهلّب فليوافِ مكتبه؛ ولا يجعل على نفسه سبيلًا. فقام إليه عمير، وقال: إني شيخ ضعيف، ولي ابنان قويّان؛ فأخرِجْ أحدهما مكاني أو كليهما، فقال: من أنت؟ قال: أنا عمير بن ضابئ، فقال: والله لقد عصيتَ الله عزّ وجلّ منذ أربعين سنة؛ ووالله لأنكِّلن بك المسلمين، غضبْت لسارق الكلب ظالمًا، إنّ أباك إذْ غُل لَهمَّ؛ وإنك هممت ونكلت، وإني أهُمّ، ثم لا أنكل. فضرِبت عنقه (١). (٤: ٤٠٣).

٨٥٧ - كتب إليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف، قال: حدّثنا رجل من بني أسد، قال: كان من حديثه: أنه كان قد غزا عثمان رضي الله عنه فيمن غزاه؛ فلما قدم الحَجّاج، ونادى بما نادى به؛ عرض رجل عليه ما عِوَض نفسه، فقبل منه، فلما ولّى قال أسماء بن خارجة: لقد كان شأن عمير مما يهمّني، قال: ومَن عمير؟ قال: هذا الشيخ، قال:

ذكّرتني الطعن وكنت ناسيًا

أليس فيمن خرج إلى عثمان؟ قال: بلى، قال: فهل بالكوفة أحد غيره؟ قال: نعم، كُمَيل، قال: عليّ بعُمير، فضرب عنقه، ودعا بكُميل فهرب؛ فأخذ النّخَع به، فقال له الأسود بن الهيثم: ما تريد من شيخ قد كفاكه الكِبَر! فقال: أما والله لتحبسنّ عني لسانك أو لأحُسَّنَّ رأسك بالسيف. قال: أفعل. فلما رأى كُميل ما لقيَ قومه من الخوف وهم ألفا مقاتل، قال: الموت خير من الخوف إذا أخيف ألفان من سَبَبي، وحرموا. فخرج حتى أتى الحجّاج، فقال له الحجّاج: أنت الذي أردت ثم لم يكشفك أمير المؤمنين، ولم ترضَ حتى أقعدته للقصاص إذْ دفعك عن نفسه؟ فقال: على أيّ ذلك تقتلني! تقتلني على عفوه، أو على عافيتي؟ قال: يا أدهم بن المحرِز، اقتله؛ قال: والأجر بيني وبينك؟ قال: نعم، قال أدهم: بل الأجر لك؛ وما كان من إثْم فعليّ. وقال مالك بن عبد الله - وكان من المسيّرين:


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>