ملؤهم بعد نظر طويل في أمرهم على البصرة، وقالت: أيُّها الناس! إنّ هذا حدَث عظيمٌ، وأمْرٌ منكر، فانهضوا فيه إلى إخوانكم من أهْل البصرة فأنكروه، فقد كفاكم أهل الشأم ما عندهم، لعلّ الله عز وجلّ يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم (١). (٤: ٤٤٩/ ٤٥٠).
٩٣٣ - كتب إليّ السريّ عن شُعَيْب، عن سَيْف، عن محمد، وطلحة، قالا: كان أوّل من أجاب إلى ذلك عبد الله بن عامر، وبنو أميّة؛ وقد كانوا سقَطِوا إليها بعد مَقْتل عثمان، ثم قدم عبد الله بن عامِر، ثمّ قدِم يَعْلَى بن أميّة، فاتَّفقَا بمكة، ومع يَعْلَى ستمئة بَعير وستمئة ألف، فأناخ بالأبْطح معسكرًا؛ وقدِم مَعهُما طلحةُ، والزّبير، فلقيا عائشةَ رضي الله عنها، فقالت: ما وراءَكُما؟ فقالا: وراءَنا أنا تحملنا بقلِّيَّتنا هُرّابًا من المدينة من غوغاء وأعْراب، وفارَقْنا قومًا حيارَى لا يعرفون حقًّا، ولا ينكرون باطِلًا، ولا يمنعون أنفسَهم. قالت: فائتمِرُوا أمرًا؛ ثمّ انهضوا إلى هذه الغوغاء.
وتمثَّلت:
ولو أنَّ قومي طاوَعتني سَراتُهمْ ... لأنْقَذْتُهمْ من الحِبالِ أو الخَبْلِ
وقال القومُ فيما ائتمروا به: الشأم. فقال عبد الله بن عامر: قد كفاكم الشأمَ من يستمرّ في حَوْزَته، فقال له طلحة والزّبير: فأين؟ قال: البصرة، فإنّ لي بها
(١) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة شديدة وغمز ولمز- فأما قول عائشة رضي الله عنها بعد أن علمت أن الناس قد اجتمعوا على علي: (وأن الأمر لا يستقيم لهم ولهذه الغوغاء أمر) وقولها: (ما أظن ذلك تامًّا ردوني) فلا يصح، وكيف يصح وهي التي كانت تأمر الناس ببيعة علي كما حفت الأحنف بن قيس، ثم إن خروجها إلى البصرة كان لأمرين الأول: إصلاح ذات البين والمطالبة بالقصاص من قتلة عثمان ولكن دون اللجوء إلى القوة كما سنذكر بعد قليل، ولكن هذه الرواية الضعيفة السند أغفلت قصدها في إصلاح الناس كما أخرج أحمد في المسند (٦/ ٩٧) أن عائشة قالت لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب. فقال لها الزبير: ترجعين؟ ! عسى الله عز وجل أن يصلح بك الناس! وقال ابن كثير: وهذا إسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه (البداية والنهاية ٦/ ٢١٢) وفي رواية أخرى لأحمد (٦/ ٥٢): قالت: ما أظنني إلا راجعة فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم ..... الحديث.