صنائعَ ولهم في طَلْحة هوى، قالوا: قبحك الله! فوالله ما كُنْت بالمسالم، ولا بالمحارب، فهلّا أقمتَ كما أقام مُعاوية فَنكتَفي بك، ونأتي الكوفَة فنسدّ على هؤلاء القوم المذاهبَ! فلم يجِدُوا عنده جوابًا مقبولًا، حتى إذا استقام لهم الرّأيُ على البصرة قالوا: يا أمّ المؤمنين! دعي المدينةَ فإنّ مَن معنا لا يُقرنون لتلك الغوغاء التي بها، واشْخصي مَعنا إلى البصرة، فإنّا نأتي بلدًا مضيَّعًا، وسيحْتجّون علينا فيه ببيعة عليّ بن أبي طالب فتُنهضينهم كما أنْهَضْت أهلَ مكّة ثم تقعدين، فإن أصْلَح الله الأمْرَ كان الذي تُريدين، وإلّا؛ احتسبنا، ودَفَعْنا عن هذا الأمر بجَهْدنا حتى تقْضيَ الله ما أراد.
فلما قالوا ذلك لها -ولم يكن ذلك مستقيمًا إلَّا بها- قالت: نعم؛ وقد كان أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - معها على قصْد المدينة، فلمّا تحوّل رأيها إلى البصرة تركنَ ذلك؛ وانطلق القومُ بعدها إلى حَفْصة، فقالت: رأيي تَبَع لرأي عائشة؛ حتى إذا لم يبق إلّا الخروج قالوا: كيف نستقلّ وليس معنا مالٌ نجهّز به الناس! فقال يَعْلَى بن أميَّة: معي ستمئة ألف وستمئة بَعير فاركبوها؛ وقال ابن عامر: معي كذا وكذا فتجهّزوا به. فنادى المنادي: إنّ أمّ المؤمنين، وطلحة، والزّبير شاخصون إلى البصرة، فمن كان يُريد إعْزاز الإسلام، وقتال المحلّين، والطلب بثأر عثمان، ومن لم يكن عِنْده مَرْكَب، ولم يَكن له جِهاز؛ فهذا جِهازٌ، وهذه نفقة، فحملوا ستمئة رجُل على ستمئة ناقَةٍ سوى مَن كان له مَرْكب -وكانوا جميعًا ألفًا- وتجهّزوا بالمال، ونادَوْا بالرّحيل، واستقلُّوا ذاهبين. وأرادت حَفصة الخروجَ، فأتاها عبد الله بن عمر فطلب إليها أن تقعد، فقَعدت، وبعثت إلى عائشة: أنّ عبد الله حال بيني وبَيْن الخروج، فقالت: يغفر الله لعبد الله! وبعثَتْ أمّ الفَضْل بنت الحارث رجلًا من جُهَيْنة يُدْعى ظفْرًا، فاستأجَرَتْه على أن يطويَ ويأتي عليًّا بكتابها، فقدِم على عليّ بكتاب أمّ الفضل بالخَبر (١). (٤: ٤٥٠/ ٤٥١).
(١) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة، ولم ترد في رواية تأريخية صحيحة أنها رضي الله عنها قالت: أنها تريد ومن معها قتال قتلة عثمان بل كانت تطالب بالقصاص من القتلة، ولم ترد في رواية صحيحة أن حفصة أرادت أن تخرج مع عائشة فمنعها عبد الله بن عمر (أخوها) وما كانت لتحرض أهل مكة ولا البصرة على علي رضي الله عنه في أمر البيعة ولكن هذه الطامات من شعيب ولعلها من شيخه سيف والله أعلم.