وهذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه بصور أصحاب الجمل -الذين خرجوا للإصلاح- بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، وأن خوفهم من علي رضي الله عنه قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم. هذا وبدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة -كما في الخريطة- اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة ولم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات السابقة. وبيان ذلك كما يلي: أ- ذكرت الروايات السابقة أن أصحاب الجمل حين وصلوا (أوطاس) تيامنوا عنها وتركوا طريق البصرة وساروا بمحاذاته. وهذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة وكان خارجًا من مكة تيامن من عند أوطاس كما فعل أصحاب الجمل، ومن أراد الكوفة تياسر عنها حيث إن طريقي البصرة والكوفة يأخذان بالتفرع يمينًا ويسارًا من بعد أوطاس. ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد: أن كلاب الحوءب قد نبحت على عائشة رضي الله عنها حين بلغت ديار بني عامر. وبنو عامر هؤلاء هم بنو عامر بن صعصعة، والحوءب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة وهو من مياه بني بكر بن كلاب، وبنو كلاب هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة. =