للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي مُلَيكة، قال: جمع الزّبير بَنيه حين أراد الرّحيل، فودّع بعضَهم، وأخرج بَعْضَهم، وأخرج ابنَيْ أسْماء جميعًا، فقال: يا فلان أقِمْ، يا عمرو أقم. فلما رأى ذلك عبد الله بن الزّبير، قال: يا عُرْوة أقم، ويا مُنْذر أقِمْ، فقال الزّبير: وَيْحك! أستصحب ابنيّ، وأستمتع منهما، فقال: إن خرجتَ بهم جميعًا فاخرجْ، وإن خلّفت منهم أحدًا فخلّفهما ولا تُعَرّض أسماء للثُكْل من بين نسائك. فبكَى، وتركَهُما، فخرجُوا حتى إذا انتهوا إلى جبال أوطاس؛ تيامَنُوا، وسلَكوا طريقًا نحو البصرة، وتركوا طريقها يسارًا، حتى إذا دَنَوْا منها، فدخلوها؛ ركبوا المنكدِر (١). (٤: ٤٦٠).


(١) إسناده ضعيف، وأما بالنسبة لعبارة (حتى إذا انتهوا إلى جبال أوطاس تيامنوا) وهذا يعني أن طلحة والزبير رضي الله عنهما ومن معهم أرادوا البصرة ولكنهم انحرفوا عن طريقها المعهود وكأنهم يريدون الاختفاء عن الأنظار وذلك غير صحيح فإنهم بايعوا على رؤوس الملأ دون إكراه ثم تحولوا إلى البصرة وهم يبغون الإصلاح بين الأطراف المختلفة. ولقد علّق الأستاذ الفاضل خالد الغيث في رسالته الجامعية في مرويات سيف بن عمر في تأريخ الطبري بعنوان (استشهاد عثمان ووقعة الجمل) فرأينا أن ننقل هنا تعليقه القيّم على عبارة (حتى إذا وصلوا إلى أوطاس تيامنوا):
وهذا الخبر لا يصح بحق أولئك الصحب الكرام، حيث إنه بصور أصحاب الجمل -الذين خرجوا للإصلاح- بأنهم مجموعة من الخارجين على الخلافة، وأن خوفهم من علي رضي الله عنه قد دفعهم إلى الابتعاد عن سلوك طريق البصرة لكي لا يلحق بهم.
هذا وبدراسة خط سير أصحاب الجمل من مكة إلى البصرة -كما في الخريطة- اتضح أنهم سلكوا طريق البصرة ولم يحيدوا عنه كما زعمت الروايات السابقة.
وبيان ذلك كما يلي:
أ- ذكرت الروايات السابقة أن أصحاب الجمل حين وصلوا (أوطاس) تيامنوا عنها وتركوا طريق البصرة وساروا بمحاذاته.
وهذا الخبر فيه تلبيس يوهم أن أصحاب الجمل قد تركوا طريق البصرة بينما حقيقة الأمر أن من أراد البصرة وكان خارجًا من مكة تيامن من عند أوطاس كما فعل أصحاب الجمل، ومن أراد الكوفة تياسر عنها حيث إن طريقي البصرة والكوفة يأخذان بالتفرع يمينًا ويسارًا من بعد أوطاس.
ب- ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد: أن كلاب الحوءب قد نبحت على عائشة رضي الله عنها حين بلغت ديار بني عامر.
وبنو عامر هؤلاء هم بنو عامر بن صعصعة، والحوءب ماء من مياه العرب يقع على طريق البصرة وهو من مياه بني بكر بن كلاب، وبنو كلاب هؤلاء بطن من عامر بن صعصعة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>