بالحُفَيْر؛ انتظرت الجوابَ بالخبر؛ ولما بلغ ذلك أهلَ البصرة؛ دعا عثمان بن حُنَيف عمران بن حُصَيْن -وكان رجلَ عامّة- وألزَّه بأبي الأسود الدؤليّ -وكان رجل خاصّة- فقال: انطلقا إلى هذه المرأة فاعْلما علمهَا وعلم من معها، فخرجا فانتهيا إليها وإلى الناس وهم بالحُفَير، فاستأذَنا فأذنتْ لهما، فسلّما وقالا: إن أميرَنا بعثنا إليك نسألك عن مَسيرك، فهل أنت مخبرتنا؟ فقالت: والله ما مثلي يَسير بالأمْر المكتوم، ولا يغطّي لبنيه الخبر. إنّ الغوغاءَ من أهل الأمصار، ونزّاع القبائل غزوْا حَرَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحدَثوا فيه الأحْداث، وآوَوْا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لَعْنة الله ولعنة رسوله، مع ما نالوا من قَتْلِ إمام المسلمين بلا تِرَة ولا عُذْر، فاستحلّوا الدَّمَ الحرام فسفكوه، وانتَهبوا المالَ الحرام، وأحلّوا البلدَ الحرام، والشهر الحرام، ومَزّقوا الأعْراض والجلُود، وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقَامهم ضارِّين مضِرّين، غير نافعين ولا متّقين؛ لا يقدرون على امتناع ولا يأمَنون، فخرجْتُ في المسلمين أُعْلمهم ما أتى هؤلاء القَوْمُ وما فيه الناس وراءَنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا. وقرأتْ:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}. ننهض في الإصلاح ممن أمر الله عزّ وجلّ وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ الصغير، والكبير، والذّكر، والأنْثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمرُكم به، ونحضّكم عليه، ومنكر نَنْهاكم عنه، ونحثّكم على تغييره (١). (٤: ٤٦١/ ٤٦٢).
٩٥٢ - كتب إليّ السّريّ عن شُعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، قالا: فخرج أبو الأسود، وعمران من عندها، فأتيا طَلْحة، فقالا: ما أقْدَمَك؟ قال: الطلب بدم عثمان، قالا: ألم تُبايعْ عليًّا؛ قال: بلى، واللُّجُّ على عنقي، وما أستقيل عليًّا إن هو لم يحلْ بيننا وبين قَتَلَة عثمان. ثمَّ أتيا الزّبير، فقالا: ما أقدمك؟ قال: الطلب بدَم عُثمان، قالا: ألم تُبايعْ عليًّا؟ قال: بلى، واللجّ على عُنقي، وما أستقيل عليًّا إن هو لم يحل بيننا وبين قَتلة عثمان. فرجَعا إلى أتم المؤمنين فودّعاها، فودّعت عمران، وقالت: يا أبا الأسود! إيَّاك أن يقودَك الهوى إلى النار، {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ... } الآية. فسَرَّحَتْهما؛