للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلحة والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقة أخرى بالحجاز؛ لا يجبَى بها فيء، ولا يقاتَل بها عدوّ؛ فقال له أبو موسى: أولئك خيرُ الناس، وهي فتنة؛ فقال له عبد خير: يا أبا موسى! غلب عليك غِشُّك.

قال: وقد كان الأشتر قام إلى عليّ فقال: يا أميرَ المؤمنين! إني قد بعثت إلى أهل الكوفة رجلًا قبل هذين فلم أره أحكم شيئًا، ولا قدر عليه، وهذان أخلَقُ من بعثت أن يُنْشَبَ بهم الأمر على ما تحبّ، ولستُ أدري ما يكون؛ فإن رأيت -أكرمك الله- يا أمير المؤمنين أن تبعثني في أثرهم، فإن أهل المصر أحسن شيء لي طاعةً، وإن قدمتُ عليهم رجوت ألّا يُخالفني منهم أحدٌ.

فقال لي عليّ: الحقْ بهم؛ فأقبل الأشترُ حتى دخل الكوفةَ؛ وقد اجتمع الناس في المسجد الأعظم، فجعل لا يمرُّ بقبيلة يرى فيها جماعة في مجلس، أو مسجد إلا دعاهم، ويقول: اتّبعوني إلى القصر، فانتهى إلى القصر في جماعةٍ من الناس، فاقتحم القصر، فدخله وأبو موسى قائم في المسجد يخطب النّاس ويثبِّطهم، يقول: أيها الناس! إنّ هذه فتنة عمياء صماء تطأُ خِطامها، النائم فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، والساعي فيها خير من الرّاكب؛ إنها فتنة باقرة كداء البطن، أتتكم من قِبَل مأمنكم، تَدَع الحليم فيها حيرانَ كابن أمس. إنا معاشر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالفتنة، إنها إذا أقبلت شبَّهت وإذا أدبرت أسْفرت، وعمّار يُخاطبه، والحسن يقول له: اعتزل عَمَلَنا لا أمّ لك! وتنحّ عن منبرنا. وقال له عمار: أنت سمعتَ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبو موسى: هذه يدي بما قلت، فقال له عمّار: إنما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا خاصة، فقال: "أنتَ فيها قاعدًا خيرٌ منك قائمًا"، ثمّ قال عمّار: غلب الله مَنْ غالبَه وجاحَده (١). (٤: ٤٨٦/ ٤٨٧).

٩٧٣ - قال نصر بن مزاحم: حدّثنا عمر بن سعيد، قال: حدّثني رجل عن نُعَيم، عن أبي مريم الثقفيّ، قال: والله إني لفي المسجد يومئذ؛ وعمّار يخاطبُ أبا موسى ويقول له ذلك القولَ؛ إذ خرج علينا غلمان لأبي موسى يشتدّون


(١) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة شديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>