غَلب، ودفع شَقيق بن ثور رايتهم إلى مولىً له يقال له: رَشْراشة، فأرسل إليه وعلة بن محدوج الذهلي: ضاعت الأحساب، دفعت مكرمة قومك إلى رشراشة فأرسل شقيق: أن أغنِ شأنَك فإنا نُغني شأننَا، فأقاموا ثلاثةَ أيام لم يكن بينهم قتال، يرسل إليهم عليّ، ويكلّمهم، ويردَعهم (١). (٤: ٥٠٠/ ٥٠١).
٩٨١ - حدّثنا عمر، قال: حدّثنا أبو بكر الهُذَليّ عن قتادة، قال: سار عليٌّ من الزاوية، يريد طلحة، والزبير، وعائشة، وساروا من الفُرْضة، يريدون عليًّا، فالتقَوْا عند موضع قصر عُبيد الله بن زياد في النصف من جمادى الآخرة سنة ستٍّ وثلاثين يوم الخميس، فلما تراءى الجَمعان؛ خَرج الزبير على فرس عليه سلاح، فقيل: لعليّ: هذا الزبير؛ قال: أما إنه أحرى الرّجلين إن ذُكّر بالله أن يذكره، وخرج طلحة، فخرج إليهما عليّ، فدنا منهما حتى اختلفت أعناق دوابّهم، فقال عليّ: لعَمري لقد أعددتُما سلاحًا، وخيلًا، ورجالًا! إن كنتما أعددتُما عند الله عذرًا فاتّقيا الله سبحانه، ولا تكونا كالتي نَقضتْ غزلَها من بعد قوّة أنكاثًا، ألم أكن أخاكما في دينكما، تحرِّمان دمي، وأحرِّم دماءكما! فهل من حَدَث أحلّ لكما دمي؟ قال: طلحة: ألَّبْت الناسَ على عثمان رضي الله عنه، قال عليّ:{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}؛ يا طلحة! تطلُب بدم عثمان رضي الله عنه؟ فلعن الله قَتلَة عثمانَ! يا زبير! أتذكر يوم مررتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني غَنْم، فنظر إليّ، فضحك، وضحكت إليه، فقلتَ: لا يَدَع ابن أبي طالب زَهوَه، فقال لك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صَه، إنه ليس به زهو، ولتقاتلَنه وأنت له ظالم"؟ فقال: اللهمّ نعم، ولو ذكرتُ ما سرتُ مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبدًا.
فانصرف عليّ إلى أصحابه، فقال: أمّا الزّبير؛ فقد أعطى الله عهدًا ألّا يقاتلكم، ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: ما كنت في موطن منذ عقلت إلّا وأنا أعرف فيه أمري غير مَوطِني هذا، قالت: فما تريد أن تصنع؟ قال: أريد أن أدعَهم، وأذهب؛ فقال له ابنه عبد الله: جمعتَ بين هذين الغارَيْن، حتى إذا حدّد بعضهم لبعض؛ أردتَ أن تتركهم وتذهب! أحسست رايات ابن أبي طالب،