للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصبت ما تَمنّى لا تصيبه حتى تستحقّ من ربِّك صُلِيَّ النار، فاتّق الله يا معاوية! ودع ما أنت عليه، ولا تنازع الأمر أهلَه.

فحمِد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن أوّل ما عرفت فيه سَفَهَك، وخفّة حلمك، قطعُك على هذا الحسيب الشريف سيّد قومه منطقَه، ثم عنِيت بعد فيما لا علم لك به، فقد كذبتَ، ولَؤُمتَ أيها الأعرابي الجِلْف الجافي في كلّ ما ذكرت ووصفت، انصرِفوا من عندي، فإنه ليس بيني وبينكم إلّا السيف، وغضب، وخرج القوم وشَبث يقول: أفَعليْنا تهوّل بالسيف! أقسم بالله ليُعجَلنّ بها إليك. فأتوا عليًّا وأخبروه بالذي كان من قوله، وذلك في ذي الحجة، فأخذ عليّ يأمر الرجل ذا الشرف، فيخرج معه جماعة، ويخرج إليه من أصحاب معاوية آخر معه جماعة، فيقتتلان في خيلهما ورجالهما ثم ينصرفان، وأخذوا يكرهون أن يلقَوا بجمع أهل العراق أهل الشام لما يتخوّفون أن يكون في ذلك من الاستئصال والهلاك، فكان عليٌّ يخرج مرّة الأشتر، ومرّة حُجْر بن عديّ الكنديّ، ومرّة شَبَثَ بن رِبْعيّ، ومرّة خالد بن المعمّر، ومرّة زياد بن النضر الحارثيّ، ومرّة زياد بن خَصفة التيميّ، ومرّة سعيد بن قيس، ومرّة معقل بن قيس الرّياحيّ، ومرّة قيس بن سعد، وكان أكثر القوم خروجًا إليهم الأشتر، وكان معاوية يُخرج إليهم عبدَ الرحمن بن خالد المخزومي، وأبا الأعور السُّلميّ، ومرّة حبيب بن مسلمة الفهريّ، ومرّة ابن ذي الكَلاع الحِمْيريّ، ومرة عبيد الله بن عمر بن الخطّاب، ومرّة شُرحبيل بن السِّمْط الكنديّ، ومرّة حمزة بن مالك الهمدانيّ، فاقتَتَلوا من ذي الحجة كلها، وربما اقتتلوا في اليوم الواحد مرّتين أوّله وآخره (١). (٤: ٥٧٣/ ٥٧٤).

١٠٨٤ - قال أبو مخنف: حدّثني عبد الله بن عاصم الفائشيّ، قال: حدّثني رجل من قومي: أنّ الأشتر خرج يومًا يقاتل بصفِّين في رجال من القرّاء، ورجال من فُرسان العرب، فاشتدّ قتالهم، فخرج علينا رجل واللهِ لَقَلَّما رأيتُ رجلًا قطّ هو أطوَل ولا أعظم منه، فدعا إلى المبارزة، فلم يخرج إليه أحد إلّا الأشتر، فاختلفا ضربتين، فضربه الأشتر، فقتله، وأيمُ الله لقد كنا أشفَقنْا عليه، وسألناه


(١) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>