للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو مال الله عزّ وجلّ، أفاءه علينا بأسيافنا وأرماحنا، فقاتِلوا عباد الله القومَ الظالمين، الحاكمين بغير ما أنزل الله، ولا يأخذكم في جهادهم لومُ لائم، فإنهم إن يظهروا عليكم؛ يُفسِدوا عليكم دينكم، ودنياكم؛ وهم مَن قد عرفتم، وخبرْتم، وايمُ الله ما ازدادوا إلى يومهم هذا إلا شرًّا! وقاتلهم عبد الله بن بُدَيل في الميمنة قتالًا شديدًا حتى انتهى إلى قبَّة معاوية. ثم إنّ الذين تبايعوا على الموت أقبلوا إلى معاوية، فأمرهم أن يصمُدوا لابن بديل في الميمنة، وبعث إلى حبيب بن مسلمة في الميسرة، فحمل بهم وبمن كان معه على ميمنة الناس فهزمهم، وانكشف أهلُ العراق من قِبَل الميمنة حتى لم يبقَ منهم إلّا ابن بُديل في مئتين، أو ثلاثمئة من القرّاء، قد أسند بعضهم ظهره إلى بعض، وانجفل الناس، فأمر عليٌّ سهلَ بن حُنيف، فاستقدم فيمن كان معه من أهل المدينة، فاستقبلتْهم جموعٌ لأهل الشام عظيمة، فاحتملتهم حتى ألحقتْهم بالميمنة، وكان في الميمنة إلى موقف عليٍّ في القلب أهل اليمن، فلما كشِفوا؛ انتهت الهزيمة إلى عليّ، فانصرف يتمشّى نحو الميسرة، فانكشفت عنه مُضَر من الميسرة، وثبتت ربيعة (١). (٥: ١٧/ ١٨).


(١) إسناده تالف، وفي متنه نكارات وصدق الدارقطني رحمه الله إذ قال في أبي مخنف والكلبي: (بل الواقدي خير من ملء الأرض مثل هؤلاء) (الرد على البكري/ ١٨).
وصدق الذهبي إذ قال: (إخباري تالف لا يوثق به) (الميزان ٣/ ٤٩٩٢). وصدق الدارقطني فلم نجد الواقدي (على شدة ضعفه) يفتري ويكذب ويصف الصحابة والتابعين بهذه الدرجة: (فقاتلوا عباد الله القوم الظالمين الحاكمين بغير ما أنزل الله ولا يأخذكم في جهادكم لوم لائم فإنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا عليكم دينكم ودنياكم) وناهيك عن الإسناد الساقط التالف لهذه الرواية فانظر إلى هذا الوصف الشنيع! وكأن أبا مخنف يريد أن يشفي غليله في هذه الرواية وينفث سمه وحقده كلّه وهو هكذا في كلّ رواية. والحمد لله فلقد قيض الله لعلم الرواية أعلامًا كأحمد وابن معين وشعبة وغيرهم خبروا الرجال وقلَّبوهم كما يقلب الصيرفي العملة، وبيَّنوا كذب المختلقين من أمثال أبي مخنف.
ولم ترد رواية صحيحة ولا ضعيفة فيما نعلم تؤيد ما جاء في رواية أبي مخنف. ومن نكاراته هنا واصفًا جيش معاوية: (وإنما هو مال الله عز وجل أفاءه علينا بأسيافنا وأرماحنا) وكأن الذين ذكر أسماءهم (معاوية، الوليد بن عقبة، عبد الله بن عامر، وسعيد بن العاص) لم يحملوا سيوفًا على عواتقهم ولم يمتطوا صهوة جيادهم يومًا.
ولو كان أبو مخنف ذكيًّا لما أوقع نفسه في مطب كبير، فالمشهور أن الوليد بن عقبة اعتزل =

<<  <  ج: ص:  >  >>