الفيء من يده، وفساد العيش عليه، وإنّ الفارّ منه لا يزيد في عُمره، ولا يُرضِي ربّه، فموت المرء مُحِقًّا قبل إتيان هذه الخصال، خير من الرضا بالتأنيس لها، والإقرار عليها (١). (٥: ٢٥).
١١٠٣ - قال أبو مخنف: حدّثنا عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسيّ: أن راية بَجِيلة بصِفِّين كانت في أحْمس بن الغوث بن أنْمار مع أبي شدّاد -وهو قيس بن مَكْشوح بن هلال بن الحارث بن عمرو بن جابر بن عليّ بن أسلم بن أحْمَس بن الغوث- وقالت له بجِيلة: خذ رايتَنا. فقال: غيري خيرٌ لكم منّي. قالوا: ما نريد غيرَك! قال: والله لئن أَعطيتُمونِيها لا أنتهي بكم دون صاحب التُّرْس المُذهَب. قالوا: اصنَع ما شئتَ. فأخذها ثم زحف، حتى انتهى بهم إلى صاحب التُّرْس المُذهَب -وكان في جماعة عظيمة من أصحاب معاوية، وذكروا: أنّه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزوميّ- فاقتتل الناسُ هنالك قتالًا شديدًا، فشدّ بسيفه نحو صاحب التُّرس، فتعرّض له روميّ، مولى لمعاوية فيضرب قَدَم أبي شدّاد فيقطعها، ويضربه أبو شدّاد فيقتله، وأشرِعت إليه الأسنَّة فقتِل، وأخذ الرَّاية عبد الله بن قِلْع الأحمسيّ وهو يقول:
لا يُبْعِدِ اللهُ أَبا شَدَّادِ ... حَيْثُ أَجاب دَعْوَةَ المنادِي
وشَدَّ بالسيف على الأعادي ... نِعْمَ الفَتى كان لَدَى الطِّرادِ
وفي طِعانِ الرَّجْل والجِلادِ
فقاتل حتى قُتِل، فأخذ الرَّاية أخوه عبد الرحمن بن قِلْع، فقاتل حتى قُتِل، ثم أخذها عَفيف بن إياس، فلم تزل في يده حتى تحاجزَ الناس، وقتل حازم بن أبي حازم الأحمسيّ -أخو قيس بن أبي حازم- يومئذ، وقتِل نُعيم بن صُهيب بن العُلَيّة البَجَليّ يومئذ، فأتى ابنُ عمّه، وسميُّه نُعيم بن الحارث بن العُليّة معاويةَ
(١) إسناده تالف وفي متنه نكارة، وحاشا لسيدنا علي رضي الله عنه (وهو صاحب الخلق الرفيع واللسان الطاهر والأدب الجم) حاشاه أن يقول واصفًا جيشًا فيه معاوية ومن معهم من الصحابة رضوان الله عليهم (الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشام)؛ وعلي رضي الله عنه أعرف بأشراف الناس وأنسابهم ومنهم من مكة والمدينة مع كلا الجيشين وكذلك فإن الطرفين لا يخلوان من مثيري الفتنة السبئية وهؤلاء هم الذين يذكون نار الفتنة إذا خمدت ولا حول ولا قوة إلا بالله.