أهواءهما بغير هدىً من الله، فلم يَعمَلا بالسنّة، ولم ينفِّذا للقرآن حُكمًا، فبرئ الله ورسولُه منهما والمؤمنون! فإذا بلغكم كتابي هذا فأقبلوا فإنا سائرون إلى عدوّنا وعدوّكم، ونحن على الأمر الأوّل الذي كنا عليه. والسلام.
وكتبوا إليه: أمّا بعد؛ فإنّك لم تغضب لربّك، إنما غضبتَ لنفسك، فإن شهدتَ على نفسك بالكفر، واستقبلتَ التوبة؛ نظرنا فيما بيننا وبينك، وإلا فقد نابَذْناك على سواء {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}[الأنفال: ٥٨]، فلما قرأ كتابهم أيس منهم، فرأى أن يدَعَهم ويمضيَ بالناس إلى أهل الشأم حتى يلقاهم فيناجزهم (١). (٥: ٧٤/ ٧٥/ ٧٦/ ٧٨).
١١٥٩ - قال أبو مخنف: عن المعلّى بن كُليب الهمْدانيّ، عن جبر بن نَوْف أبي الودّاك الهمْدانِيّ: إن عليًّا لما نزل بالنُّخَيلة، وأيس من الخوارج؛ قام فحمِد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنه من ترك الجهاد في الله، وأدْهن في أمره كان على شَفا هُلْكِه إلا أن يتداركَه الله بنعمة، فاتقوا الله، وقاتِلوا من حاد الله، وحاوَلَ أن يطفئ نورَ الله، قاتلوا الخاطئين الضالين، القاسطين المجرمين، الذين ليسوا بقرّاء للقرآن، ولا فقهاءَ في الدين، ولا علماءَ في التأويل، ولا لهذا الأمر بأهل سابقة في الإسلام، والله لو ولّوا عليكم، لعملوا فيكم بأعمال كِسْرى وهِرَقل، تيسّروا، وتهيّؤوا للمسير إلى عدوِّكم من أهل المغرب، وقد بعثنا إلى إخوانكم من أهل البصرة ليقدموا عليكم، فإذا قَدموا، فاجتمعتم؛ شخصْنا إن شاء الله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وكتب عليّ إلى عبد الله بن عباس مع عتبة بن الأخنس بن قيس من بني سعد بن بكر: أمّا بعد، فإنا قد خرجنا إلى معسكرنا بالنُّخيلة، وقد أجمعْنا على المسير إلى عدوّنا من أهل المغرب، فاشخص بالناس حتى يأتيَك رسولي، وأقم حتى يأتيك أمري، والسلام.
فلما قدم عليه الكتاب؛ قرأه على الناس، وأمرهم بالشخوص مع الأحنف بن قيس، فشخص معه منهم ألفٌ وخمسمئة رجل، فاستقلّهم عبد الله بن عبّاس، فقام في الناس، فحمِد الله وأثْنَى عليه ثم قال: أما بعد يا أهل البصرة! فإنه