من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلىّ أمّة المسلمين الذين غَضِبوا لله حين عُصِيَ في الأرض، وضَرَب الجورُ بأرواقه على البَرّ والفاجر، فلا حقّ يُستراح إليه، ولا منكرَ يُتناهَى عنه، سلام عليكم، فإني أحمَد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، أما بعد فقد بعثتُ إليكم عبدًا من عبيد الله لا ينام أيام الخوف، ولا يَنكل عن الأعادي حِذارَ الدوائر، أشدّ على الكفار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مُذحِج، فاسمعوا له، وأطيعوا، فإنه سيفٌ من سيوف الله، لا نابي الضّريبة، ولا كلَيل الحدّ، فإن أمَرَكم أن تُقدموا؛ فأقدموا، وإن أمَرَكم أن تَنفِروا؛ فانفروا، فإنه لا يُقدم ولا يُحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي لنُصحِه لكم وشدّة شَكيمته على عدوّكم، عصَمَكم الله بالهدى، وثبّتكم على اليقين. والسلام.
قال: ولما بلغ محمّد بن أبي بكر: أنّ عليًّا قد بعث الأشتر شقّ عليه، فكتب عليّ إلى محمد بن أبي بكر عند مَهلِك الأشتر، وذلك حين بلغه مَوْجِدةُ محمد بن أبي بكر لقُدوم الأشتر عليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله عليّ أميرِ المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر، سلامٌ عليك، أما بعد؛ فقد بلغني موجِدَتُك من تسريحي الأشترَ إلى عَمَلِك، وإني لم أفعل ذلك استبطاءً لك في الجهاد، ولا ازديادًا مني لك في الجدّ، ولو نزعتُ ما تحتَ يدك من سلطانك لولّيتُك ما هو أيسرُ عليك في المؤونة، وأعجب إليك ولايةً منه. إنّ الرجل الذي كنتُ وليته مصرَ كان لنا نصيحًا، وعلى عدوّنا شديدًا، وقد استكمَل أيّامَه، ولاقَى حِمامَه، ونحن عنه راضُون، فرضي الله عنه، وضاعَفَ له الثواب، وأحسَنَ له المآب. اصبر لعدوّك، وشمِّر للحرب، وادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأكثِرْ ذكرَ الله، والاستعانةَ به، والخوفَ منه؛ يَكفِك ما أهمّك، ويُعِنْك على ما ولّاك، أعاننا الله وإيّاك على ما لا يُنَال إلا برحمته، والسلام عليك.