لعبد الله عليٍّ أمير المؤمنين من محمد بن أبي بكر، سلام عليك، فإنّي أحمد الله إليك الذي لا إلهَ غيره، أما بعد: فإنّي قد انتهى إليّ كتابُ أمير المؤمنين، ففهِمْته، وعرفتُ ما فيه، وليس أحد من الناس بأرضَى مني برأي أميرِ المؤمنين، ولا أجهدَ على عدوّه، ولا أرأف بوليه مني، وقد خرجتُ فعسكرتُ، وأمَّنتُ الناس إلا من نَصَب لنا حربًا، وأظهَر لنا خلافًا، وأنا متّبع أمرَ أمير المؤمنين وحافظُه، وملتجئ إليه، وقائمٌ به، والله المستعان على كلّ حال؛ والسلام عليك (١). (٥: ٩٦/ ٩٧).
١١٧٦ - قال أبو مخنف: حدّثني أبو جَهضم الأزديّ - رجل من أهل الشأم - عن عبد الله بن حَوالة الأزديّ: أنّ أهل الشأم لما انصرفوا من صِفين كانوا ينتظرون ما يأتي به الحَكَمان، فلما انصرفا، وتفرّقا؛ بايع أهلُ الشأم معاويةَ بالخلافة، ولم يزدد إلا قوّة، واختلف الناسُ بالعراق على على، فما كان لمعاوية همٌّ إلا مصر، وكان لأهلها هائبًا خائفًا، لقربهم منه، وشدّتهم على من كان على رأي عثمان، وقد كان عَلَى ذلك علِم: أن بها قومًا قد ساءهم قتلُ عثمانَ، وخالفوا عليًّا، وكان معاوية يرجو أن يكون إذا ظهر عليها ظهر على حرب عليّ، لحكل خَراجها، قال: فدعا معاوية من كان معه من قريش:
عمروَ بن العاص، وحبيب بن مسلمة، وبُسْرَ بن أبي أرطاة، والضحّاك بن قيس، وعبدَ الرحمن بن خالد بن الوليد؛ ومن غيرهم: أبا الأعور عَمرَو بن سُفيان السُّلَميّ، وحمزةَ بن مالك الهَمْدانيّ، وشُرَحبيل بن السِّمْط الكِنديّ، فقال لهم: أتدرون لِمَ دعوتكم؟ إنِّي قد دعوتُكم لأمر مُهِمّ أحبّ أن يكون اللهُ قد أعان عليه، فقال القوم كلهم - أو من قال منهم: إنّ الله لم يُطلع على الغيب أحدًا، وما يُدرِينا ما تُريد! فقال عمرو بن العاص: أرى والله أمرَ هذه البلاد الكثير خراجُها، والكثير عُدَدُها وعدد أهلها، أهمّك أمرُها، فدعوتَنا إذًا لتسألَنا عن
(١) إسناده تالف وفي متنه نكارات، وسنتحدث عنه بعد الرواية (٥: ١٠٩/ ١١٨٢).