للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجّل علينا خَيلَك ورَجْلك، فإنّ عدوّنا قد كان علينا حربًا، وكنا فيهم قليلًا، فقد أصبحوا لنا هائبين، وأصبحْنا لهم مقرنين، فإن يأتنا الله بمَدَد من قِبَلك؛ يفتح الله عليكم، ولا حولَ ولا قوّة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل! والسلام عليك.

قال: فجاءه هذا الكتاب وهو يومئذ بفِلَسطين، فدعا النّفرَ الذين سمّاهم في الكتاب فقال: ماذا ترون؟ قالوا: الرّأي أن تبعث جُندًا من قِبَلك، فإنك تفتتحها بإذن الله، قال معاوية: فتجهَّز يا أبا عبد الله إليها - يعني: عمرَو بنَ العاص - فال: فبعثه في ستة آلاف رجل، وخرج معاوية وودّعه وقال له ضد وداعه إيّاه: أوصيك يا عَمرو بتقوَى الله، والرفق فإنه يُمْن، وبالمهَل، والتُّؤدَة، فإنّ العَجَلَة من الشيطان، وبأن تقبلَ ممن أقبَل، وأن تعفوَ عمّن أدبرَ، فإن قَبل؛ فَبِها ونِعمتْ، وإن أبَى؛ فإن السطوة بعد المعذرة أبلَغ في الحجّة، وأحسَن في العاقبة، وادعُ الناسَ إلى الصلح والجماعة، فإذا أنت ظهرتَ؛ فليكن أنصارُك آثرَ الناس عندَك، وكلَّ الناس فأوْلِ حُسْنًا. قال: فخرج عَمرٌو يسير حتى نزل أدانيَ أرض مصرَ، فاجتمعتَ العثمانية إليه، فأقام بهم، وكتب إلى محمد بن أبي بكر:

أما بعد، فتنحّ عني بدمك يا بن أبي بكر! فإنّي لا أحبّ أن يصيبَك مني ظَفَر، إن الناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك، ورفضِ أمرِك، ونَدِموا على اتّباعك، فهم مُسلِموك لو قد التقت حَلْقتا البِطان، فاخرج منها، فإني لك من الناصحين؛ والسلام.

وبعث إليه عمرو أيضًا بكتاب معاوية إليه:

أما بعد، فإنّ غبَّ البغي والظلم عظيم الوَبال، وإنّ سَفْك الدم الحرام لا يَسلَم صاحبه من النّقمة في الدنيا، ومن التَّبعة الموبِقة في الآخرة، وإنا لا نعلم أحدًا كان أعظم على عثمانَ بغيًا، ولا أسوأ له عيبًا، ولا أشدّ عليه خلافًا منك؛ سعيتَ عليه في الساعين، وسفكتَ دَمه في السافكين، ثم أنت تظنّ أني عنك نائمٌ، أو ناسٍ لك، حتى تأتي فتأمّر على بلاد أنتَ فيها جاري، وجُلّ أهلِها أنصاري، يرَون رأي، ويَرْقُبون قولي، ويَستصرخوني عليك. وقد بعثتُ إليك قومًا حِناقًا عليك، يستسقون دمَك، ويتقرّبون إلى الله بجهادك، وقد أعطَوا الله عهدًا ليمثّلُنّ بك، ولو لم يكن منهم إليك ما عدا قتلك ما حذّرتك ولا أنذرتك،

<<  <  ج: ص:  >  >>