شعبة، فقال لهم المغيرة: ما حَمَلكم على ما أردتم من شقّ عصا المسلمين؟ فقالوا: ما أردْنا من ذلك شيئًا، قال: بلى، قد بلغني ذلك عنكم، ثم قد صدّق ذلك عندي جماعتكم؛ قالوا له: أمّا اجتماعنا في هذا المنزل فإن حيّان بن ظَبيان أقرأنا القرآن، فنحن نجتمع عنده في منزله فنقرأ القرآن عليه.
فقال: اذهبوا بهمْ إلى السجن، فلم يزالوا فيه نحوًا من سنة، وسمع إخوانُهم بأخذهم فَحذِروا، وخرج صاحبهم المستورِد بن عُلَّفة فنزل دارًا بالحيرة إلى جنب قصر العدسيّين من كَلْب، فبعت إلى إخوانه، وكانوا يختلفون إليه ويتجهّزون، فلما كثر اختلاف أصحابه إليه قال لهم صاحبهم المستورِد بن عُلَّفة التيميّ: تحوّلوا بنا عن هذا المكانِ، فإنّي لا آمَن أن يُطَّلع عليكم، فإنهم في ذلك يقول بعضهم لبعض: نأتي مكان كذا وكذا، ويقول بعضهم: نأتي مكان كذا وكذا؛ إذْ أشرف عليهم حجّار بن أبْجر من دار كان هو فيها وطائفة من أهله، فإذا هم بفارِسَيْن قد أقبَلا حتى دخلا تلك الدار التي فيها القوم، ثم لم يكن بأسرعَ لمن أن جاء آخران فَدَخلا، ثمّ لم يكن إلا قليل حتى جاء آخر فدخل، ثم آخرُ فدخل، وكان ذلك بعينِه، وكان خروجُهم قد اقترب، فقال حجّار لصاحبة الدار التي كان فيها نازلًا وهي تُرضِع صبيًّا لها: وَيْحكِ! ما هذه الخيل التي أراها تَدخُل هذه الدار؟ قالت: واللهِ ما أدري ما همْ! إلا أنَّ الرجال يختلفون إلى هذه الدار رجالًا وفُرسانًا لا ينقطعون، ولقد أنكرْنا ذلك منذ أيام، ولا ندري مَن هم! فركب حجّار فرسَه، وخرج معه غلام له، فأقبل حتى انتهى إلى باب دارِهم، فإذا عليه رجلٌ منهم، فكلَّما أتى إنسان منهم إلى الباب دخل إلى صاحبه أعلمه، فأذن له، فإن جاءه رجل من معروفيهم دَخَل ولم يستأذن، فلمّا انتهى إليه حجّار لم يعرفه الرجل، فقال: مَن أنت رحمك الله؟ وما تريد؟ قال: أردت لقاءَ صاحبي. قال له: وما اسمك؟ قال له: حجّار بن أبجر؛ قال: فكما أنت حتى أوذِنهم بك، ثم أخرج إليك، فقال له حجّار: ادخُل راشدًا! فدخل الرجل، واتّبعه حجار مسرعًا، فانتهى إلى باب صُفّة عظيمة هم فيها، وقد دخل إليهم الرّجل فقال: هذا رجل يستأذن عليك أنكرتُه فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا حجّار بن أبجر، فسمعهم يتفزّعون ويقولون: حَجّار بن أبجر! والله ما جاء حجّار بن أبجر بخير، فلما سمع القول منهم أراد أن ينصرف ويكتفيَ بذلك من الاسترابة بأمرهم، ثم