للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والقصور إلى عرصة الأموات سكان القبور، وانتظر هناك النفخة في الصور ليوم البعث والنشور، فمن مسرور ومحبور ومن محزون ومثبور، وما بين جبير وكسير وفريق في الجنة وفريق في السعير.
ولما كانت هذه المواطن الثلاثة أشق ما تكون على ابن آدم سلم الله على يحيى في كل موطن منها فقال: {وَسَلَامٌ عَلَيهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}.
وأما قوله في الآية الأخرى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} فقيل: المراد بالحصور الذي لا يأتي النساء، وقيل غير ذلك، وهو أشبه لقوله: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، أنبأنا أبو خلف موسى بن خلف، وكان يعد من البدلاء حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده ممطور، عن الحارث الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن. فقال: يا أخي إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي، قال: فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله عزَّ وجلَّ أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركن أن تعملوا بهن. وأولهن أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئًا، فإن مثل ذلك مثل من اشترى عبدًا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده، فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك، وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئًا. آمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجهه قبل عبده ما لم يلتفت فإذا صليتم فلا تلتفتوا. وآمركم بالصيام فإن الله مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
آمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال: هل لكم أن أفتدي نفسي منكم فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه.
آمركم بذكر الله عزَّ وجلَّ كثيرًا، فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعًا في إثره فأتى حصنا حصينًا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عزَّ وجلَّ.
قال: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله، فإن من خرج عن الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم، قال: يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال: وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، ادعوا المسلمين بأسمائهم بما سماهم الله عزَّ وجلَّ المسلمين المؤمنين عباد الله عزَّ وجلَّ" (أحمد / ح ١٧١٧٠).
وهكذا رواه أبو يعلى عن هدبة بن خالد، عن أبان بن زيد، عن يحيى بن أبي كثير به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>