للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم، وكَهْفُكم الذي إليه تأوون، ومتى تَصلحوا يصلحوا. ولا تُشرِبوا قلوبَكم بغضَهم، فيشتدَّ لذلك غيظُكم، ويطولَ له حُزنكم، ولا تُدرِكوا حاجَتكم؛ مع أنه لو استجيبَ لكم؛ كان شرًّا لكم.

أسأل الله أن يعين كلًّا على كلّ، وإذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمرَ فأنفذوه على أذلاله، وايمُ الله إن لي فيكم لصرعَى كثيرة! فليحذر كلّ امرئٍ منكم أن يكون من صَرْعاي.

قال: فقام عبد الله بن الأهتم فقال: أشهد أيّها الأمير أنك قد أُوتيتَ الحكمةَ، وفَصْلَ الخِطاب، فقال: كذبتَ، ذاك نبيّ الله داود عليه السلام.

قال الأحنف: قد قلتَ فأحسَنت أيّها الأمير، والثناء بعد البلاء، والحمدُ بعدَ العطاء، وإنا لن نُثنيَ حتى نُبتلَى؛ فقال زياد: صَدقت.

فقام أبو بلال مِرْداس بن أديَّه يَهمِس وهو يقول: أنبأ الله بغير ما قلت، قال الله عزّ وجلّ: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}؛ فأوعَدَنا الله خيرًا مما واعدت يا زياد، فقال زياد: إنا لا نَجِد إلى ما تريد أنتَ وأصحابُك سبيلًا حتى نخوضَ إليها الدماء (١). (٥: ٢١٧/ ٢١٨ / ٢١٩/ ٢١٠ / ٢٢١).

حدّثني عمرُ، قال: حدّثنا خلّاد بن يزيد، قال: سمعتُ من يخبر عن الشعبيّ، قال: ما سمعتُ متكلّمًا قطّ تكلَّم فأحسن إلا أحببتُ أن يَسكُت خوفًا أن يسيء إلا زيادًا، فإنه كان كلّما أكثر كان أجَود كلامًا (٢). (٥: ٢٢١).

حدّثني عمر، قال: حدّثنا عليّ عن مسلمة، قال: استعمل زيادٌ على شُرْطته عبدَ الله بن حصن، فأمهَل الناس حتى بلغ الخبرُ الكوفةَ، وعاد إليه وصولُ الخبر إلى الكوفة، وكان يؤخّر العشاء حتى يكون آخر مَن يصلّي ثم يصلّي؛ يأمر رجلًا فيقرأ سورةَ البقرة ومثلها، يرتّل القرآن، فإذا فرغ أمهل بقدر ما يَرَى أنّ إنسانًا يبلغ الخُرَيْبة، ثم يآمر صاحب شُرطته بالخروج، فيخرج ولا يرى إنسانًا إلا


(١) في إسناده مرسل ضعيف والهذلي متروك ولم نجد خبر الخطبة البتراء برواية صحيحة السند والله أعلم.
(٢) في إسناده مبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>