للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلأَنتَ أَهْوَنُ من زِيادٍ جانِبًا ... اذْهَبْ إليك مُخرِّم الأَسفارِ (١)

(٥: ٢٤٤/ ٢٤٦/٢٤٥/ ٢٤٤).

قال ابن سعد: قال أبو عُبيدة: فحدّثني أعيَن بن لَبطَة، قال: حدّثني أبي عن شَبَث بن رِبعيّ الرياحيّ، قال: فأنشدتُ زيادًا هذه الأبيات فكأنه رقَّ له، وقال: لو أتاني لآمنته وأعطيتُه، فبلغ ذلك الفرزدق؛ فقال:

تَذكَّرَ هذا القلبُ من شَوْقِه ذِكْرَا ... تذَكَّرَ شَوْقًا ليس ناسيَهُ عَصْرَا

تَذَكّرَ ظَمياءَ الَّتي ليس ناسِيا ... وإن كان أَدْنى عَهْدِها حِجَجًا عَشْرا

وما مُغْزِلٌ بالغَوْر غَوْرِ تِهامةٍ ... ترَعَّى أراكًا في منابتِهِ نَضْرا

من الأُدُمِ حَوَّاءِ المدامع تَرْعَوِي ... إلى رَشاءٍ طِفلٍ تخالُ به فَتْرا

أصابَتْ بِوادي الوَلْولَان حِبالةً ... فما اسْتَمْسَكَتْ حتى حسِبْنَ بها نفْرا

بأحْسَنَ من ظَمْياءَ يومَ تَعَرَّضَتْ ... ولامُزْنةٌ راحَتْ غمامتها قصْرا

وكم دونها من عاطفٍ في صريمة ... وأَعداءِ قومٍ يَنْذُرُونَ دمي نَذْرَا!

إذا أَوْعَدُوني عند ظَمياءَ ساءَها ... وعيدي وقالت لا تقولوا له هُجرا

دعاني زيادٌ للعطاءِ ولم أَكنْ ... لآتِيَهُ ما ساقَ ذو حَسَب وَفرا

وعند زيادٍ لو يُرِيدُ عطاءَهُمْ ... رجالٌ كثيرٌ قد يرَى بهِم فقرا

قُعُودٌ لدى الأَبواب طُلَّابُ حاجةٍ ... غَوانٍ من الحاجاتِ أو حاجةً بِكْرا

فلمّا خشيت أن يكون عطاؤه ... أداهِمَ سودًا أو مُحَدْرَجَةً سُمْرا

نميَتُ إلى حَرْفٍ أَضَرَّ بِنِيِّها ... سُرَى الليل واستعرَاضُها البلدَ القَفرا

تنَفَّس في بهوٍ من الجوف واسعٍ ... إذا مَدَّ حيزومَا شَراسيِفها الضَّفْرا

تَراها إذا صامَ النَّهارُ كأنَّما ... تسامِى فَنيقًا أو تُخالسُهُ خَطْرا

تخُوضُ إذا صاح الصَّدى بعد هَجعةٍ ... من الليل مُلتجًّا غياطلهُ خُضرا

فإِن أعرَضَتْ زَوراءُ أو شَمَّرَتْ بها ... فلاةٌ ترَى منها مخارِمَها غُبْرا

تعاديْنَ عن صُهبِ الحَصى وكأَنما ... طحنَّ به من كلّ رَضراضةٍ جَمْرا

وكم من عَدُوٍّ كاشحٍ قد تجاوَزَتْ ... مخافتَهُ حتى تكون لها جِسْرا

يَؤمُّ بها المَوماةَ منْ لا يرى له ... إلى ابن أَبي سُفيان جاهًا ولا عُذْرا

ولا تُعجلاني صاحبيَّ فربّما ... سَبَقتُ بوِرد الماءِ غاديةً كُدْرا


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>