للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أرسل إليه فأتِيَ به، فقال له: إني قد علمتُ أنك لم تقاتل مع حُجْر: أنك ترى رأيَه، ولكن قاتلتَ معه حميّة قد غفرتُها لك لما أعلَم من حُسن رأيك، وحُسن بلائك؛ ولكن لن أدعَك حتى تأتيَني بأخيك عمير؛ قال: أجيئك به إن شاء الله؛ قال: فهات من يضمَنُه لي معك، قال: هذا حُجر بن يزيد يضْمنه لك معي؛ قال: حُجْر بن يزيد: نعم أضمنه لك، على أن تؤمّنه على ماله ودمِه، قال: ذلك لك، فانطلَقا، فأتيا به وهو جريح، فأمَرَ به فأوقِر حديدًا، ثم أخذتْه الرجال ترفعه، حتى إذا بلغ سُرَرَها ألقَوْه، فوقع على الأرض، ثم رفعوه وألقوه، ففعلوا به ذلك مِرارًا، فقام إليه حُجر بن يزيدَ فقال: ألم تؤمّنه على ماله ودمِه أصلحك الله! قال: بلى، قد آمنته عِلى ماله ودمه، ولست أهريق له دمًا، ولا آخذ له مالًا، قال: أصلحك الله! يُشفى به على الموت، ودنا منه وقامَ من كان عنده من أهل اليمن، فدنَوا منه وكلَّموه، فقال: أتضمنونه لي بنفسه، فمتى ما أحدث حدثًا أتيتموني به؟ قالوا: نعم؛ قال: وتضمنون لي أرْش ضربة المسلّى، قالوا: ونضمنها؛ فخلّى سبيلَه.

ومكث حُجر بن عديّ في منزل ربيعة بن ناجد الأزديّ يومًا وليلة، ثم بعث حُجر إلى محمد بن الأشعث غلامًا له يدعى رشيدًا من أهل إصبهان: إنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبّار العنيد، فلا يهولنّك شيء من أمره، فإنّي خارج إليك، أجمع نفرًا من قومك ثم أدخل عليه فأسأله أن يُؤمِّنَني حتى يبعث بي إلى معاوية فيرى فيّ رأيه.

فخرج ابن الأشعث إلى حُجْر بن يزيد وإلى جرير بن عبد الله وإلى عبد الله بن الحارث أخي الأشتر، فأتاهم فدخلوا إلى زياد فكلّموه وطلبوا إليه أن يؤمّنه حتى يبعث به إلى معاوية فيرى فيه رأيه، ففعل، فبعثوا إليه رسوله ذلك يعلمونه أنه قد أخذْنا الذي تسأل، وأمروه أن يأتي؛ فأقبل حتى دخل على زياد فقال زياد: مرحبًا بك أبا عبد الرحمن! حرب في أيام الحرب، وحربٌ وقد سالم الناس! على أهلها تَجنِي بَراقِش، قال: ما خالعت طاعة، ولا فارقت جماعة، وإني لَعلى بيعتي؛ فقال: هيهات هيهات يا حُجر! تَشُجّ بيد وتأسو بأخرى، وتريد إذا أمكَن الله منك أن نرضى! كلّا والله! .

قال: ألم تؤمّنّي حتى آتيَ معاوية فيرى فيّ رأيه! قال: بلى قد فعلْنا، انطلقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>