للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عليّ عن مَسلَمة، قال: لما أراد معاوية أن يبايع ليزيدَ كتب إلى زياد يستشيره، فبعث زياد إلى عبيد بن كعب النُّميريّ، فقال: إنّ لكلّ مستشير ثقة، ولكلّ سرٍّ مستودَع، وإنّ الناس قد أبدعت بهم خصلتان: إذاعة السرّ، وإخراج النصيحة إلى غير أهلها، وليس موضع السرّ إلا أحد رجلين، رجلُ آخرة يرجو ثوابًا، ورجل دُنْيا له شَرَف في نفسه وعَقْل يصون حَسبَه، وقد عجمْتُهما منك، فأحمدت الذي قِبَلك، وقد دعوتُك لأمر اتّهمتُ عليه بطونَ الصّحُف؛ إنّ أمير المؤمنين كتب إليّ يزعم أنه قد عزم على بيعة يزيد، وهو يتخوّف نَفْرةَ الناس، ويرجو مطابقَتهم، ويستشيرني، وعلاقةُ أمرِ الإسلام وضمانُه عظيم، ويزيد صاحبُ رَسْلَة وتهاون، مع ما قد أولِع به من الصيد، فالقَ أمير المؤمنين مؤدّيًا عني، فأخبره عن فَعَلات يزيد؛ فقال له: رُوَيْدَك بالأمر، فأقْمَنُ أن يتمّ لك ما تريد، ولا تَعجَل فإنّ دَرَكًا في تأخير خير من تعجيل عاقبتُهُ الفَوْت. فقال عُبيد له: أفلا غير هذا! قال: ما هو؟ قال: لا تُفسِد على معاويةَ رأيَه، ولا تمقِّت إليه ابنَه، وألقَى أنا يزيدَ سرًّا من معاوية فأخبِره عنك أنّ أمير المؤمنين كتب إليك يستشيرك في بيعته، وأنك تخوَّفُ خلاف الناس لهنَاتٍ ينقمونها عليه، وأنّك ترى له ترك ما يُنقَمُ عليه، فيستحكم لأمير المؤمنين الحجّة على الناس، ويسهل لك ما تريد، فتكونَ قد نصحت يزيد وأرضيتَ أميرَ المؤمنين؛ فسلمت مما تخاف من علاقة أمر الأمّة. فقال زياد: لقد رميت الأمر بحَجَرِهِ، اشخَص على بركة الله، فإن أصبت فما لا ينكر، وإن يكن خطأ فغير مستغَشّ وأبْعُد بك إن شاء الله من الخطأ، قال: تقول بما ترى، ويقضي الله بغيب ما يَعلمَ. فقدم على يزيدَ فذاكره ذلك. وكتب زياد إلى معاوية يأمره بالتؤدة، وألّا يَعجَل، فقبل ذلك معاوية، وكفّ يزيد عن كثير مما كان يصنع، ثم قدم عُبيد على زياد فأقطعه قطيعة (١). (٥: ٣٠٢/ ٣٠٣).

حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عليّ، قال: لما مات زياد دعا معاويةُ بكتاب فقرأه على الناس باستخلاف يزيد، إن حدَثَ به حدثُ الموت فيزيد وليّ عهد، فاستوسق له الناس على البيعة ليزيدَ غير خمسة نفر (٢). (٥: ٣٠٣).


(١) إسناده ضعيف.
(٢) إسناده معضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>