للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم رجل منهم: انزلوا بنا إذًا من وراء المِصْر الجسرَ -وهو موضع زرارة، وإنما بنيت زُرارة بعد ذلك إلا أبياتًا يسيرة كانت منها قبل ذلك- فقال لهم معاذ بن جوين بن حصين الطائيّ: لا، بل سيروا بنا فلننزل بانقِيَا فما أسرع ما يأتيكم عدوّكم، فإذا كان ذلك استقبلْنا القومَ بوجوهنا، وجعلْنا البيوت في ظهورنا، فقاتلْناهم من وجه واحد. فخرجوا، فبُعث إليهم جيش، فقُتلوا جميعًا.

ثم إنّ عبد الرحمن بن أمّ الحَكَم طرده أهل الكوفة، فحدّثت عن هشام بن محمد، قال: استعمل معاويةُ ابن أمّ الحكم على الكوفة فأساء السيرة فيهم، فطردوه، فلحق بمعاوية وهو خاله، فقال له: أولّيك خيرًا منها؛ مِصرَ؛ قال: فولّاه، فتوجه إليها، وبلغ معاويةَ بن حُديج السَّكونيّ الخبر، فخرج فاستقبله على مَرْحلتين من مصر، فقال: ارجع إلى خالك فلَعمري لا تسير فينا سيرتك في إخواننا من أهل الكوفة.

قال: فرجع إلى معاوية، وأقبل معاوية بن حُدَيج وافدًا؛ قال: وكان إذا جاء قُلِّسَتْ له الطريق -يعني ضُرِبت له قِباب الرّيحان- قال: فدخل على معاوية وعنده أمّ الحكم، فقالت: مَن هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: بخٍ! هذا معاوية بن حُدَيج؛ قالت: لا مرحَبًا به! تَسمعَ بالمُعَيْديّ خيرٌ من أن تراه؛ فقال: على رِسْلِكِ يا أمّ الحكم! أما والله لقد تزوّجتِ فما أكرمتِ، وولدتِ فما أنْجَبْتِ، أردتِ أن يلي ابنك الفاسق علينا فيسير فينا كما سار في إخواننا من أهل الكوفة؛ ما كان الله ليُرِيَه ذلك، ولو فعل ذلك لضربْناه ضربًا يطأطئ منه، وإن كره ذلك الجالس. فالتفت إليها معاوية، فقال: كُفي (١). (٥: ٣٠٩/ ٣١٠/ ٣١١/ ٣١٢).

وأما مِرْداس بن أديّة فإنه خرج بالأهواز وقد كان ابن زياد قبل ذلك حَبَسه -فيما حدّثني عمر، قال: حدّثني خلّاد بن يزيدَ الباهليّ، قال-: حبس ابن زياد -فيمن حَبَسَ- مرداسَ بن أديّة، فكان السجّان يرى عبادته واجتهادَه، وكان يأذن له في الليل، فينصرف، فإذا طلع الفجر أتاه حتى يدخل السجن، وكان صديقٌ لمرداس يسامرُ ابنَ زياد، فذكر ابن زياد الخوارج ليلةً فعزم على قتلهم إذا أصبح، فانطلق صديقُ مرداس إلى منزل مِرداس فأخبرهم، وقال: أرسلوا إلى


(١) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>