ألا أبلغ معاويةً بن حَرْبٍ ... مُغلغلةً من الرَّجلِ اليَماني!
القصيدة- قال: لا والذي عظَّم حقَّ أمير المؤمنين ما قلتُ هذا؛ قال: أفلمْ تقل:
فأشهَدُ أَن أُمَّكَ لم تُباشِرْ ... أَبا سُفْيانَ واضعةَ القِناع
في أشعار كثيرة هجوتَ بها ابن زياد! اذهب فقد عفونا لك عن جُرمك، أما لو إيانا تعامل لم يكن مما كان شيء، فانطلق؛ وفي أيّ أرض شئتَ فانزل، فنزل المَوْصِلَ، ثمّ إنه ارتحل إلى البَصرة، فقدمها، ودخل على عُبيد الله فآمنه (١). (٥: ٣١٨/ ٣١٩/ ٣٢٠).
وأما أبو عُبيدة فإنه قال في نزول ابن مفرّغ الموصل عن الذي أخبرني به أبو زيد، قال: ذكر أنّ معاويةَ لما قال له: ألست القائل:
ألَا أبلغْ معاويةَ بَن حَرْبٍ ... مُغلغَلةً من الرّجل اليَماني
الأبيات؛ حَلف ابن مفرّغ أنه لم يقله، وأنه إنما قاله عبدُ الرحمن بن أُمّ الحَكَم أخو مرْوان، واتخذني ذريعةً إلى هجاء زياد، وكان عَتَب عليه قبل ذلك، فغضب معاويةُ على عبد الرحمن بن أم الحكم وحرَمه عطاءَه، حتى أضرّ به، فكُلّم فيه، فقال: لا أرضى عنه حتى يَرضَى عُبيد الله؛ فقدم العراق على عبيد الله، فقال عبد الرحمن له:
لأنتَ زيادةٌ في آل حَرْبٍ ... أحَبُّ إليّ من إحدى بنانِي
أراكَ أخًا وعمًّا وابنَ عمٍّ ... ولا أَدري بِغيْبٍ ما ترانِي
فقال: أراك واللهِ شاعر سَوْء! فرضيَ عنه، فقال معاوية لابن مفرّغ: ألستَ القائل:
فَأَشْهدُ أنَّ أُمّك لَم تُباشِرْ ... أَبا سُفْيانَ واضعةَ القِناعِ
الأبيات! لا تعودَنّ إلى مثلها، عَفوْنا عنك. فأقبل حتى نزل الموصلَ، فتزوّج امرأة، فلما كان في ليلة بنائها خرج حين أصبح إلى الصّيد، فلقيَ ذَهّانًا أو عطَّارًا على حمار له، فقال له ابن مفرِّغ: من أين أقبلت؟ قال: من الأهواز؛ قال: وما فعل ماءُ مسْرُفان؟ قال: على حاله؛ قال: فخرج ابن مفرّغ فتوجه قِبَل
(١) ذكر أبو زيد هذا الخبر بلا إسناد.