للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسل تجري بين يزيدَ بن معاوية وابن الزبير في البَيعة، فحلف يزيد ألّا يقبل منه حتى يؤتَى به في جامعة، وكان الحارث بن خالد المخزوميّ على الصلاة، فمنعه ابن الزبير، فلما منعه كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد؛ أن ابعث جيشًا إلى ابن الزبير، وكان عمرو بن سعيد لما قدم المدينة ولّى شُرطته عمرو بن الزبير، لِمَا كان يعلم ما بينه وبين عبد الله بن الزبير من البغْضاء، فأرسل إلى نفر من أهل المدينة فضربهم ضَرْبًا شديدًا. (٥: ٣٤٣ - ٣٤٤)

قال محمد بن عمر: حدّثني شُرَحبيل بن أبي عون عن أبيه، قال: نظر إلى كل من كان يَهوى هَوَى ابن الزّبير فَضرَبه، وكان ممن ضرب: المنذر بن الزبير، وابنه محمد بن المنذر، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوثَ، وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، وخُبيب بن عبد الله بن الزبير، ومحمد بن عمّار بن ياسر، فضرَبَهم الأربعين إلى الخمسين إلى الستين، وفرّ منه عبد الرحمن بن عثمان، وعبد الرحمن بن عمرو بن سهل في أناس إلى مكّة، فقال عمرو بن سعيد لعمرو بن الزبير: مَن رجلٌ نوجّه إلى أخيك؟ قال: لا توجّه إليك رجلًا أبدًا أنكأ له منّي، فأخرج لأهل الديوان عشرات، وخرج من موالي أهل المدينة ناسٌ كثير، وتوجّه معه أنيس بن عمرو الأسلميّ في سبعمئة، فوجّهه في مقدّمته، فعسكر بالجرف، فجاء مروان بن الحَكم إلى عمرو بن سعيد فقال: لا تَغزُ مكة، واتق الله، ولا تُحِلّ حرمةَ البيت، وخلّوا ابن الزبير فقد كَبِر، هذا له بِضعٌ وستون سنةً، وهو رجلٌ لَجوج، والله لئن لم تقتلوه ليموتَنّ، فقال عمرو بن الزبير: والله لنقاتلنه ولنغزونّه في جوف الكعبة على رغم أنف من رَغِم؛ فقال مروان: والله إنّ ذلك ليسوءني؛ فسار أنَيس بن عمرو الأسلمي حتى نزل بذي طُوىً، وسار عمرو بن الزبير حتى نزل بالأبطح، فأرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه: بُرَّ يَميِنَ الخليفة، واجعل في عنقك جامعة من فضّة لا ترى، لا يضرب الناس بعضهم بعضًا، واتَّقِ الله فإنك في بلد حرام.

قال ابن الزبير: موعدك المسجد؛ فأرسل ابن الزبير عبدَ الله بن صفوان الجمحيّ إلى أنيس بن عمرو من قبل ذي طُوىً، وكان قد ضوى إلى عبد الله بن صَفْوان قومٌ ممن تزل حول مكة، فقاتلوا أنيس بن عمرو، فهزم أنيس بن عمرو أقبَح هزيمة، وتفرّق عن عمرو جماعةُ أصحابه، فدخل دارَ علقمة، فأتاه

<<  <  ج: ص:  >  >>