للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: ١٧١ - ١٧٣].
وقال تعالى وهو أصدق القائلين: {إِذْ قَال اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إلا سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠) وَإِذْ أَوْحَيتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: ١١٠ - ١١١].
يذكره تعالى بنعمته عليه وإحسانه إليه في خلقه إياه من غير أب، بل من أم بلا ذكر، وجعله له آية للناس ودلالة على كمال قدرته تعالى ثم إرساله بعد هذا كله {وَعَلَى وَالِدَتِكَ} في اصطفائها واختيارها لهذه النعمة العظيمة وإقامة البرهان على براءتها مما نسبه إليها الجاهلون ولهذا قال: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} وهو جبريل بإلقاء روحه إلى أمه وقرنه معه في حال رسالته ومدافعته عنه لمن كفر به {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} أي: تدعو الناس إلى الله في حال صغرك في مهدك وفي كهولتك {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أي: الخط والفهم، نص عليه بعض السلف {وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} وقوله: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذْنِي} أي: تصوره وتشكله من الطين على هيئة الطير على أمر الله له بذلك {فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيرًا بِإِذْنِي} أي: بأمري، يؤكد تعالى بذكر الإذن له في ذلك لرفع التوهم.
وقوله: {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ} وقال بعض السلف: وهو الذي يولد أعمى ولا سبيل لأحد من الحكماء إلى مداواته {وَالْأَبْرَصَ} هو الذي لا طب فيه بل قد مرض بالبرص وصار داؤه عضالًا {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى} أي: من قبورهم أحياء {بِإِذْنِي} وقد تقدم ما فيه دلالة على وقوع ذلك مرارًا متعددة بما فيها كفاية.
وقوله: {وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إلا سِحْرٌ مُبِينٌ} وذلك حين أرادوا صلبه فرفعه الله إليه وأنقذه من بين أظهرهم صيانة لجنابه الكريم عن الأذى، وسلامة له من الردى.
وقوله: {وَإِذْ أَوْحَيتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} قيل: المراد بهذا الوحي وحي إلهام أي أرشدهم الله إليه ودلهم عليه كما قال: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، {وَأَوْحَينَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} وقيل: المراد وحي بواسطة الرسول وتوفيق في قلوبهم لفبول الحق، ولهذا استجابوا قائلين: {آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}.
وهذا من جملة نعم الله على عبده ورسوله عيسى ابن مريم أن جعل له أنصارًا وأعوانًا ينصرونه =

<<  <  ج: ص:  >  >>