قال محمّد: وحدّثني رِياح بن مسلم عن أبيه، قال: بُعِث إلى عبد الله بن الزّبير عمرو بن سعيد، فقال له أبو شُريح: لا تَغْزُ مكة فإنّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إنما أذن الله لي في القتال بمكة ساعةً من نهار، ثم عادت كحُرْمتها"، فأبى عمرو أن يسمع قوله، وقال: نحن أعلم بحرمتها منك أيها الشيخ؛ فبعث عمرو جيشًا مع عمرو ومعه أنَيْس بن عمرو الأسلميّ، وزيد غلام محمد بن عبد الله بن الحارث بن هشام، -وكانوا نحو ألفين- فقاتلهم أهلُ مكة، فقُتل أنَيْس بن عمرو والمهاجر مولى القَلمَّس في ناس كثير، وهُزم جيشُ عمرو، فجاء عبيدة بن الزبير، فقال لأخيه عمرو: أنت في ذمتي، وأنا لك جار، فانطَلَق به إلى عبد الله، فدخل على ابن الزبير فقال: ما هذا الدّم الذي في وجهك يا خبيث! فقال عمرو:
لَسْنا على الأَعقاب تَدْمَى كُلومُنا ... ولكنْ على أقدامنا تَقْطُرُ الدِّمَا
فحبسه وأخفر عُبيدة، وقال: أمرْتُك أن تجير هذا الفاسق المستحِلّ لحرمات الله؛ ثم أقاد عَمرًا من كلّ من ضربه إلا المنذر وابنه، فإنهما أَبيَا أن يستقيدا، ومات تحت السِّياط، قال: وإنما سمّي سجن عارِم لعبد كان يقال له: زيد عارِم، فسمّيَ السِّجنُ به، وحَبَس ابنَّ الزبير أخاه عمرًا فيه. (٥: ٣٤٦ - ٣٤٧).
قال الواقدي: حدّثنا عبد الله بن أبي يحيى، عن أبيه! قال: كان مع أنَيس بن عمرو ألفان. (٥: ٣٤٧).
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:
وفي هذه السنة (أي: ٦٠ هـ) وجَّه أهل الكوفة الرسل إلى الحسين عليه السلام وهو بمكة يدعونه إلى القدوم عليهم، فوجه إليهم ابن عمِّه مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنهما.