للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تستمعوا لي، ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاقّ، أنا ابن زياد أشبهته من بين من وطئ الحصى ولم ينتزعني شبَه خال ولا ابن عمّ.

ثم خرج من البَصرة واستخلف أخاه عثمانَ بن زياد، وأقبل إلى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهليّ، وشريك بن الأعور الحارثيّ وحشمه وأهل بيته، حتى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء، وهو متلثّم والناس قد بلغهم إقبال حسين إليهم، فهم ينتظرون قدومَه، فظنُّوا حين قدم عبيد الله أنه الحسين، فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس إلّا سلّموا عليه، وقالوا: مرحبًا بك يا بنَ رسول الله! قدمتَ خيرَ مَقْدَم، فرأى من تباشيرهم بالحسين عليه السلام ما ساءه، فقال مسلم بن عمرو لما أكثروا: تأخّروا، هذا الأميرُ عُبيد الله بن زياد، فأخذ حين أقبل على الظهر؛ وإنما معه بضعة عشر رجلًا، فلما دخل القصرَ وعلم الناسُ أنه عبيد الله بن زياد دَخلَهم من ذلك كآبة وحُزن شديد، وغاظ عبيدَ الله ما سمع منهم، وقال: ألا أرى هؤلاء كما أرى. (٥: ٣٥٦ - ٣٥٨) (١).

قال هشام: قال أبو مخنف: فحدّثني المعلَّى بن كليب، عن أبي ودَّاك، قال: لما نزل القصر نودي: الصلاة جامعة، قال: فاجتمع الناس، فخرج إلينا، فحمِد الله وأثنَى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنّ أمير المؤمنين أصلحه الله ولاني مصرَكم وثغرَكم، وأمرني بإنصاف مظلومكم، وإعطاءِ محرومكم، وبالإحسان إلى سامعكم رمطيعكم، وبالشدّة على مريبكم وعاصيكم، وأنا متّبع فيكم أمرَه، ومنفّذ فيكم عهدَه، فأنا لمحسنكم ومطيعكم كالوالد البرّ، وسوطي وسيفي على مَنْ ترك أمري، وخالفَ عهدي، فليُبقِ امرؤٌ على نفسه. الصدق ينبئ عنكَ لا الوعيد؛ ثم نزل.

فأخذ العُرفاء والناس أخذًا شديدًا، فقال: اكتبوا إليّ الغرباءَ، ومن فيكم من طِلْبة أمير المؤمنين، ومَن فيكم من الحروريّة، وأهلِ الرّيَب الذين رأيُهم الخلاف والشقاق، فَمن كَتبهم لنا فبرئ، ومن لم يكتب لنا أحدًا، فيضمن لنا ما في عرافته ألّا يخالفنا منهم مخالِف، ولا يبغي علينا منهم باغٍ، فمن لم يفعل برئتْ منه الذمّة، وحلال لنا مالُه وسفكُ دمه، وأيُّما عريفٍ وجِد في عرافته من


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>