للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له شريك: ما منعك من قتله؟ فقال: خَصْلتان: أما إحداهما فكراهة هانئ أن يُقتَلِ في داره، وأما الأخرى فحديثٌ حدّثه الناسُ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الإيمان قيد الفتْك، ولا يفتك مؤمن"؛ فقال هانئ: أما والله لو قتلتَه لقتلتَ فاسقًا فاجرًا كافرًا غادرًا، ولكن كرهتُ أن يُقتَل في داري، ولبث شريك بن الأعور بعد ذلك ثلاثًا ثم مات، فخرج ابن زياد فصلّى عليه، وبلغ عُبيد الله بَعد ما قَتَل مسلمًا وهانئًا: أن ذلك الذي كنتَ سمعت من شريك في مرضه إنما كان يُحرّضُ مسلمًا، ويأمره بالخروج إليك ليقتلَك؛ فقال عبيد الله: والله لا أصلّي على جنازة رجل من أهلِ العراق أبدًا، ووالله لولا أن قبر زياد فيهم لنَبَشْتُ شريكًا.

ثم إن مَعقلًا مولى ابن زياد الذي دسّه بالمال إلى ابن عَقِيل وأصحابه اختلف إلى مسلم بن عَوْسجة أيامًا ليدخله على ابن عَقِيل، فأقبل به حتى أدخله عليه بعد موت شريك بن الأعور، فأخبَره خبره كلَّه، فأخذ ابن عَقِيل بيعته، وأمَرَ أَبَا ثُمامة الصائديّ، فقبض مالَه الَّذي جاء به -وهو الذي كان يقبض أموالهم، وما يعين به بعضهم بعضًا، يشتري لهم السلاح، وكان به بصيرًا، وكان من فُرسان العرب ووجوهِ الشيعة- وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم، فهو أول داخل وآخر خارج، يَسمَع أخبارهم، ويَعلم أسرارَهم، ثم ينطلِق بها حتّى يُقرّها في أذن ابن زياد. قال: وكان هانئ يغدو ويَروح إلى عُبيد الله، فلما نزل به مسلم انقطع من الاختلاف وتَمارَض، فجعل لا يَخرُج، فقال ابن زياد لجلسائه: ما لي لا أرى هانئًا! فقالوا: هو شاكٍ، فقال: لو علمتُ بمرضه لعدْتُه! (٥: ٣٦١ - ٣٦٤).

قال أبو مخنف: فحدّثني المجالد بن سعيد، قال: دعا عبيد الله محمد بن الأشعث وأسماء بن خارجة. (٥: ٣٦٤) (١).

قال أبو مخنف: حدثني الحسن بن عُقبة المراديّ: أنه بعث معهما عمرو بن الحجّاج الزّبيدي (٢). (٣: ٣٦٤).

قال أبو مخنف: وحدّثني نُمَير بن وعلة، عن أبي الودّاك، قال: كانت رَوْعة


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>