للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك به، فقام إليه أسماء بن خارجة فقال: أرُسُل غَدْر سائر اليوم! أمرْتنَا أن نجيئك بالرّجل حتى إذا جئناك به، وأدخلناه عليك هشمْتَ وجهَه، وسيّلت دمَه على لحيته، وزعمَت أنك تقتله! فقال له عبيد الله! وإنك لهاهنا! فأمر به فَلُهِزَ وتُعْتعَ به، ثم تُرِكَ فحبِس.

وأما محمد بن الأشعث فقال: قد رضينا بما رأى الأمير؛ لنا كان أم علينا، إنما الأمير مؤدّب، وبلغ عمرو بن الحجاج أن هانئًا قد قُتل، فأقبَل في مذحج حتى أحاط بالقصر ومعه جمعٌ عظيم، ثمّ نادى: أنا عمرو بن الحجّاج، هذه فُرْسان مَذحِج ووُجوهُها، لم تخلع طاعةً، ولم تفارق جماعة، وقد بلغهم أنّ صاحبهم يُقتل، فأعظَموا ذلك، فقيل لعبيد الله: هذه مذحِج بالباب. فقال لشُريح القاضي: ادخُل على صاحبهم فانظر إليه، ثم اخرج فاعلمْهم أنه حيّ لم يُقتل، وأنك قد رأيتَه، فدخل إليه شريح فنَظَر إليه (١). (٥: ٣٦٤ - ٣٦٧).

فقال أبو مخنف: فحدّثني الصّقْعب بن زهير، عن عبد الرحمن بن شرَيح، قال: سمعته يحدّث إسماعيل بن طلحة، قال: دخلت على هانئ، فلما رآني قال: يا الله! يا للمْسلمين! أهَلكتْ عشيرتي؟ فأين أهل الدين؟ ! وأين أهل المِصْر؟ ! تفاقدوا! يُخلُّوني وعدوّهم وابنَ عدوّهم! والدماء تسيل على لحيته، إذ سمع الرّجة على باب القصر، وخرجت واتّبعني، فقال: يا شريح! إني لأظنُّها أصواتُ مذحِج وشيعتي من المسلمين، إن دخل عليّ عشرة نفر أنقذوني؛ قال: فخرجتُ إليهم ومعي حُميد بن بكير الأحمريّ -أرسله معي ابن زياد، وكان من شُرَطه ممّن يقوم على رأسه- وايمُ الله لولا مكانُه معي لكنتُ أبلغتُ أصحابَه ما أمَرَني به؛ فلما خرجتُ إليهم قلت: إنّ الأمير لما بلغه مكانُكم ومقالتُكم في صاحبكم أمرَني بالدخول إليه، فأتيتُه فنظرتُ إليه، فأمرني أن ألقاكم، وأن أعلِمكم أنه حيّ، وأن الذي بلغكم من قتله كان باطلًا. فقال عمرو وأصحابه: فأمّا إذْ لم يُقتَل فالحمدُ لله، ثم انصرفوا (٢). (٥: ٣٦٧ - ٣٦٨).

قال أبو مخنف: حدّثني الحجاج بن عليّ، عن محمد بن بشر الهمْدانيّ،


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>