للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لما ضرب عُبيد الله هانئًا وحَبَسه خشيَ أن يَثبَ الناسُ به، فخرج فصَعِد المنبَر ومعه أشراف الناس وشُرَطُه وحشمه، فحَمِد الله وأثنَى عليه، ثم قال: أمّا بعد، أيها الناس، فاعتصموا بطاعة الله وطاعة أئمتكم، ولا تختلفوا ولا تفرّقوا؛ فتَهلكوا وتَذِلّوا وتقتلوا وتُجْفوا وتحرموا، إنّ أخاك من صدَقك، وقد أعْذَر مَنْ أنذر.

قال: ثم ذهب لينزل، فما نزل عن المنبَر حتى دخلت النّظارة المسجد من قبل التَّمّارين يشتدّون ويقولون: قد جاء ابن عقيل! قد جاء ابن عقيل! فدخل عُبيد الله القصرَ مسرعًا، وأغلق أبوابه (١). (٥: ٣٦٨).

قال أبو مخنف: حدّثني يوسف بن يزيد، عن عبد الله بن خازم، قال: أنا والله رسول ابن عَقيل إلى القصر لأنظر إلى ما صار أمرُ هانئ، قال: فلما ضُرب وحُبس ركبتُ فرسي، وكنت أول أهل الدار دخل على مسلم بن عَقيل بالخبر، وإذا نسوةٌ لمراد مجتمعات ينادين: يا عَثْرتاه! يا ثُكلاه! فدخلت على مسلم بن عَقِيل بالخبر، فأمرني أن أناديَ في أصحابه وقد ملأ منهم الدُّور حوله، وقد بايعه ثمانية عشر ألفًا، وفي الدور أربعة آلاف رجل، فقال لي: نادِ: يا منصور أمتْ؛ فناديتُ: يا منصورُ أمتْ؛ وتنادَى أهلُ الكوفة فاجتمعوا إليه، فعقد مسلم لعبيد الله بن عمرو بن عزير الكندىِّ على رُبْع كندة وربيعة، قال: سرْ أمامي في الخيل، ثم عقد لمسلم بن عَوْسجة الأسديّ على رُبْع مَذْحج، وأسَد، وقال: انزِل في الرّجال فأنت عليهم؛ وقعد لأبي ثُمامة الصائديَ على رُبع تميم وهَمْدان، وعقد لعباس بن جَعْدة الجدليّ على رُبْع المدينة، ثم أقبل نحو القصر، فلما بلغ ابنَ زياد إقبالُه تحرّز في القصر، وغَلَّقَ الأبواب (٢). (٥: ٣٦٨ - ٣٦٩)

قال أبو مخنف: وحدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن عبّاس الجَدليّ قال: خرجنا مع ابن عَقيل أربعة آلاف، فما بلغنا القصرَ إلا ونحن ثلاثمئة.

قال: وأقبل مسلم يسيرُ في الناس من مراد حتى أحاط بالقصر، ثم إنّ الناس تداعَوْا إلينا واجتَمعوا، فوالله ما لبثْنا إلا قليلًا حتى امتلأ المسجد من الناس


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>