للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقتَ؛ قال: فسألته عن أشياءَ، فأخبرني بها من نذور ومناسك؛ قالَ: وإذا هو ثقيل اللسان من بِرسام أصابَه بالعراق، قال: ثم مضيتُ فإذا بفسطاط مضروب في الحرم، وهيئته حسنَة، فأتيته فإذا هو لعبد الله بن عمرو بن العاص، فسألني، فأخبرتُه بلقاء الحسين بن عليّ، فقال لي: ويلك: فهلّا اتّبعتَه، فوالله ليملكنّ، ولا يجوز السلاح فيه ولا في أصحابه، قال: فهممت والله أن ألحق به، ووقع في قلبي مقالته، ثمّ ذكرت الأنبياءَ وقَتْلَهم، فصدّني ذلك عن اللَّحاق بهم، فقدمتُ على أهلي بعُسْفانَ، قال: فوالله إني لعندهم؛ إذ أقبلت عِيرٌ قد امتارت من الكوفة، فلما سمعتُ بهم خرجتُ في آثارهم حتى إذا أسمعتُهم الصوت وعجِلْتُ عن إتيانهم صرختُ بهم: ألا ما فعل الحسينُ بنُ عليّ؟ قال: فردُّوا، عليّ: ألا قد قُتل؛ قال: فانصرفتُ وأنا ألعنُ عبدَ الله بن عمرو بن العاص؛ قال: وكان أهلُ ذلك الزمان يقولون ذلك الأمر، وينتظرونه في كلّ يوم وليلة، قال: وكان عبدُ الله بن عمرو يقول: لا تبلغ الشجرة ولا النخلة ولا الصّغير حتى يظهر هذا الأمر؛ قال: فقلت له: فما يمنعك أن تبيع الوَهْط؟ قال: فقال لي: لعنةُ الله على فلان -يعني معاوية- وعليك؛ قال: فقلت لا، بل عليك لعنة الله؛ قال: فزادني من اللعن ولم يكن عنده من حشمه أحدٌ فألقى منهم شرًّا؛ قال: فخرجتُ وهو لا يعرفني -والوَهْط حائطٌ لعبد الله بن عمرو بالطائف؛ قال: وكان معاوية قد ساوَمَ به عبدَ الله بن عمرو، وأعطاه به مالًا كثيرًا، فأبى أن يبيعه بشيء- قال: وأقبل الحسين مُغِذًّا لا يَلوِي على شيء حتى نزل ذاتَ عِرْق. (٥: ٣٨٦ - ٣٨٧).

قال أبو مخنف: حدّثني الحارث بن كعب الوالبيّ، عن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب قال: لما خرجنا من مكة كتب عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب إلى الحسين بن عليّ مع ابنيه: عَون ومحمد: أما بعد، فإنّي أسألك بالله لَمَّا انصرفت حين تنظر في كتابي، فإنّي مُشفِقٌ عليك من الوجه الذي توجّه له أن يكون فيه هلاكُك واستئصالُ أهلِ بيتك، إن هلكتَ اليومَ طَفئ نورُ الأرض، فإنك عَلَمُ المهتدين: ورجاء المؤمنين؛ فلا تعجَل بالسير فإني في أثر الكتاب؛ والسلام.

قال: وقام عبد الله بنُ جعفر إلى عمرو بن سعيد بن العاص فكلّمه.

وقال: اكتبْ إلى الحسين كتابًا تَجعَل له فيه الأمان، وتمنّيه فيه البِرّ والصّلة، وتوثق له في كتابك، وتسأله الرجوع لعله يطمئنّ إلى ذلك فيرجع؛ فقال عمرو بن

<<  <  ج: ص:  >  >>