للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ثم إن الحسين أقبل حتى مرّ بالتَّنعيم، فلقيَ بها عِيرًا قد أقبِل بها من اليَمَن، بَعَث بها بَحِير بن رَيْسِانِ الحِميريّ إلى يزيدَ بن معاوية، -وكان عامله على اليمن- وعلى العِير الوَرْسُ والحُلَل يُنطلَقَ بها إلى يزيد فأخَذَها الحسين، فانطلق بها؛ ثم قال لأصحاب الإبل: لا أكرِهكمِ، مَن أحبَّ أن يمضيَ معنا إلى العراق أوْفينا كِراءه وأحسنا صحبته، ومن أحبّ أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكِراء على قدر ما قطع من الأرض؛ قال: فمن فارقه منهم حوسب فأوفي حقّه، ومن مضى منهم معه أعطاه كِراءَه وكَساه. (٥: ٣٨٥ - ٣٨٦) (١).

قال أبو مخنف: عن أبي جَناب، عن عدّي بن حَرْملة، عن عبد الله بن سليم والمذري قالا: أقبلنا حتى انتهينا إلى الصِّفاح، فلقينَا الفرزدق بن غالب الشاعر، فواقف حسينًا فقال له: أعطاك الله سُؤلَك وأملك فيما تحبّ، فقال له الحسين: بَيّنْ لنا نبأ الناس خلفك، فقال له الفرزدق: مِن الخبير سألتَ، قلوبُ الناس معك، وسيوفُهم مع بني أميّة، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء. فقال له الحسين: صدقتَ، لله الأمر، والله يفعل ما يشاء، وكلّ يوم ربُّنا في شأن، إن نزل القضاء بما نحبّ فنحمَد الله على نَعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرّجاء؛ فلم يَعتدِ مَن كان الحقُّ نيّته، والتقوى سريرته. ثم حرّك الحسينُ راحلتَه فقال: السلام عليك؛ ثم افترقا. (٥: ٣٨٦) (٢).

قال هشام: عن عوانة بن الحكم، عن لَبَطة بن الفرزدق بن غالب، عن أبيه، قال: حججتُ بأمّي، فأنا أسوق بعيرَها حين دخلت الحَرم في أيام الحجّ، وذلك في سنة ستين، إذ لقيت الحسينَ بن عليّ خارجًا من مكة معه أسيافه وتِراسُه، فقلت: لمن هذا الفطار؟ فقيل: للحُسين بن عليّ، فأتيته فقلت: بأبي وأمي يا بن رسول الله! ما أعجَلك عن الحجّ؟ فقال: لو لم أعجل لأخذتُ؛ قال: ثم سألني: ممّن أنت؟ فقلت له: امْرؤ من العراق؛ قال: فوالله ما فتّشني عن أكثرَ من ذلك، واكتفى بها منِّي، فقال: أخبِرنِي عن الناس خلفك؟ قال: فقلت له: القلوب معك، والسيوف مع بني أميّة، والقضاء بيد الله؛ قال: فقال لي:


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>