للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقطعَ رحِمَك! فوالله لأن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الأرض كلِّها لو كان ذلك، خيرٌ لك من أن تَلقَى اللهَ بدم الحسين! فقال له عمر بن سعد: فإني أفعل إن شاء الله. (٥: ٤٠٧ - ٤٠٩) (١).

قال هشام: حدّثني عوانة بن الحَكَم عن عمّار بن عبد الله بن يسار الجُهَنيّ، عن أبيه، قال: دخلتُ على عمرَ بن سعد، وقد أُمِر بالمسير إلى الحسين، فقال لي: إن الأمير أمرني بالمسير إلى الحسين، فأبيتُ ذلك عليه، فقلتُ له: أصاب الله بك، أرشَدَك الله، أحِلْ فلا تفعل ولا تَسِرْ إليه. قال: فخرجتُ من عنده، فأتاني آتٍ وقال: هذا عمُر بن سعد يَندب الناسَ إلى الحسين؛ قال: فأتيتُه فإذا هو جالس، فلما رآني أعرَض بوجهِه فعرفتُ أنه قد عزم على المسير إليه، فخرجتُ من عنده؛ قال: فأقبل عمر بن سعد إلى ابن زياد فقال: أصلحك الله! إنك ولَّيتَني هذا العمل، وكتبت لي العهد، وسَمع به الناسُ، فإن رأيتَ أن تنفذ لي ذلك فافعلْ وابعثْ إلى الحسين في هذا الجيش من أشراف الكوفة من لستُ بأغنى ولا أجزأ عنك في الحرب منه؛ فسمّى له أناسًا، فقال له ابن زياد: لا تُعلِمني بأشراف أهل الكُوفة، ولست أستأمرك فيمن أريد أن أبعث، إن سرتَ بجندنا، وإلا فابعث إلينا بعهدنا، فلما رآه قد لجّ قال: فإني سائر، قال: فأقبل في أربعة آلاف حتى نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نِينوَى.

قال: فبعث عُمر بن سعد إلى الحسين عليه السلام عَزْرة بن قيس الأحمَسيّ، فقال: ائته فسَلْه ما الّذي جاء به؟ وماذا يريد؟ وكان عَزْرة ممن كتب إلى الحسين فاستحيا منه أن يأتيَه، قال: فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه، فكلُّهم أبى وكرهه، قال: وقام إليه كثير بن عبد الله الشعبيّ -وكان فارسًا شجاعًا ليسَ يُردّ وجهَه شيءٌ- فقال: أنا أذهب إليه، والله لئن شئتَ لأفتكنّ به، فقال له عمر بن سعد: ما أريد أن يُفتك به، ولكن ائته فسَلْه ما الذى جاء به؟ قال: فأقبل إليه، فلما رآه أبو ثمامة الصائديّ قال للحسين: أصلحك الله أبا عبد الله! قد جاءك شرُّ أهل الأرض وأجرؤه على دم وأفتَكه، فقام إليه، فقال: ضَعْ سيفَك؛ قال: لا والله ولا كرامة، إنما أنا رسول، فإن سمعتم مني أبلغتُكم ما أرسِلتُ به


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>