إليكم، وإن أبيَتم انصرفتُ عنكم؛ فقال له: فإني آخذٌ بقائِم سيفك، ثم تكلمُ بحاجتك، قال: لا والله، لا تمسّه فقال له: أخبرني ما جئتَ به وأنا أبلِغه عنك، ولا أدعُك تدنو منه، فإنك فاجر؛ قال: فاستبّا، ثم انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر، قال: فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظليّ فقال له: وَيحْك يا قرّة! القَ حسينًا فسَله ما جاء به؟ وماذا يريد؟ قال: فأتاه قرّة بن قيس، فلما رآه الحسين مقبلًا قَال: أتعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مُظاهر: نعم، هذا رجل من حنظلة تميميّ، وهو ابن أختنا، ولقد كنتُ أعرفه بحسن الرأي، وما كنتُ أراه يشهد هذا المشهد، قال: فجاءَ حتى سلَّم على الحسين، وأبلغه رسالةَ عمر بن سعد إليه له، فقال الحسين: كتب إليّ أهلُ مصركم هذا أنْ اقدَم، فأما إذ كَرهوني فأنا أنصرف عنهم؛ قال: ثم قال له حبيب بن مظاهر: وَيْحك يا قرة بن قيس! أنَّى ترجع إلى القوم الظالمين! انصرْ هذا الرجل الذي بآبائه أيّدك الله بالكرامة وإيَّانا معك؛ فقال له قرّة: أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته، وأرَى رأيي؛ قال: فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر، فقال له عمر بن سعد: إني لأرجو أن يعافيَني الله من حربه وقتاله. (٥: ٤٠٩ - ٤١١).
قال هشام: عن أبي مخنف، قال: حدّثني النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسيّ، عن حسان بن فائد بن بكير العبسيّ، قال: أشهد: أن كتاب عمر بن سعد جاء إلى عبيد الله بن زياد وأنا عنده فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإني حيث نزلتُ بالحسين بعثتُ إليه رسولي، فسألته عما أقدَمَه، وماذا يطلب ويسأل، فقال: كتب إليَّ أهلُ هذه البلاد وأتتْني رسُلهم، فسألوني القدومَ ففعلت؛ فأما إذ كرهوني فبدَا لهم غير ما أتتْني به رُسُلهم، فأنا منصرفٌ عنهم، فلما قُرئ الكتاب على ابن زياد قال:
الآن إذا عَلِقَتْ مَخالِبُنا به ... يرجو النجاةَ ولاتَ حِينَ مناصِ!
قال: وكتب إلى عمَر بن سعد:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، أما بعد، فقد بلغني كتابُك، وفهمتُ ما ذكرتَ، فاعرِض على الحسين أن يبايع ليزيدَ بن معاوية هو وجميع أصحابه، فإذا فعل ذلك رأينا رأينا، والسلام.