قال: فلما أتى عمرَ بن سعد الكتابُ، قال: قد حسبتُ ألّا يقبل ابن زياد العافية. (٥: ٤١١ - ٤١٢)(١).
قال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الأزديّ، قال: جاء من عُبيد الله بن زياد كتاب إلى عمرَ بن سعد: أما بعد، فُحلْ بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوقوا منه قطرة، كما صُنع بالتقيّ الزّكيّ المظلوم أميرِ المؤمنين عثمان بن عفان، قال: فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجَّاج على خمسمئة فارس، فنزلوا على الشريعة، وحالوا بين حسين وأصحابه، وبين الماء أن يُسقَوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث. قال: ونازَلَه عبد الله بن أبي حُصين الأزديّ -وعِداده في بَجيلة- فقال: يا حسين! ألا تنظر إلى الماء كأنه كَبد السماء! والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عَطشًا؛ فقال حسين: اللهمّ اقتُله عَطَشًا، ولا تَغفِرْ له أبدًا. قال حميد بن مسلم: والله لعُدتُه بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا إله إلّا هو لقد رأيتُه يَشرَب حتى يبغر، ثم يقيء، ثم يعود فيَشَرب حتى يبغر فما يَروَى، فما زال ذلك دأبه حتى لَفَظ عصبه، يعني نفسه- قال: ولما اشتدَّ على الحسين وأصحابه العطش دعا العباس بن علي بن أبي طالب أخاه، فبعثه في ثلاثين فارسًا وعشرين راجلًا، وبعث معهم بعشرين قِربةً، فجاؤوا حتى دنَوا من الماء ليلًا واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجمليّ، فقال عمرو بن الحجاج الزبيديّ: من الرجل؟ فجيء فقال: فاشربْ هنيئًا، قال: لا والله، لا أشرب منه قطرةً وحسينٌ عطشان ومن ترى من أصحابه، فطَلَعوا عليه، فقال: لا سبيلَ إلى سقي هؤلاء، إنما وُضِعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه أصحابه قال لرجاله: املؤوا قِرَبكم، فشدّ الرّجالة فملؤوا قِرَبهم، وثار إليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن عليّ، ونافع بن هلال فكفّوهم، ثم انصرفوا إلى رحالهم، فقالوا: امضوا، ووقَفوا دونهم، فعطف عليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه واطَّردوا قليلًا، ثم إن رجلًا من صُداء طُعِن من أصحاب عمرو بن الحجاج طعنه نافع بن هلال، فظنّ: أنها ليست بشيء، ثم إنها انتقضت بعد ذلك، فمات